الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

37/05/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : القبلة

ومع ذلك فالرّوايات متظافرة أو متواترة :
 منها : صحيحة جميل بن دراج (قال سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول : صلَّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الفريضةَ في المحمل، في يومِ وَحْلٍ ومطرٍ)[1].
 ومنها : معتبرة محمَّد بن عذافر - في حديث - (قال : قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام : رجل يكون في وقت الفريضة لا يمكنه الأرض من القيام عليها، ولا السُّجود عليها، من كثرة الثلج والماء والمطر والوحل، أيجوز له أن يصلِّي الفريضة في المحمل ؟ قال : نعم، هو بمنزلة السَّفينة إن أمكنه قائماً، وإلَّا قاعداً، وكلّ ما كان من ذلك فالله أَوْلى بالعذر، يقول الله عزَّوجل : (بل الإنسان على نفسه بصيرة) ) [2]، فإنَّ أحمد بن هلال الواقع في السَّند ثقة على الأصحّ، كما أنَّ عَمْرِو بن عثمان هو الثقفي الخرَّاز الثقة .
 ومنها : صحيحة الحِمْيري (قال : كتبتُ إلى أبي الحسن عليه السلام : روى - جعلني الله فداك - مواليك عن آبائك أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله ) صلَّى الفريضة على راحلةٍ في يومِ مطر، ويصيبنا المطر ونحن في محاملنا، والأرض مبتلة، والمطر يؤذي، فهل يجوز لنا - يا سيدي ! - أن نصلّي في هذه الحال في محاملنا، أو على دوابنا، الفريضةَ إن شاء الله، فوقَّع عليه السلام : يجوز ذلك مع الضَّرورة الشَّديدة) [3].
 ومنها : ما في الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن محمَّد بن عبد الله بن جعفر الحِمْيري عن صاحب الزَّمان عليه السلام (أنَّه كتبَ إليه يسأله عن رجلٍ يكون في محمله، والثلج كثير، بقامة رجل، فيتخوَّف إنْ نَزَل الغوص فيه، وربما يسقط الثلج وهو على تلك الحال، ولا يستوي له أن يلبّد شيئاً منه لكثرته وتهافته، هل يجوز أن يصلِّي في المحمل الفريضة، فقد فعلنا ذلك أياماً، فهل علينا في ذلك إعادة، أم لا ؟ فأجاب : لا بأس به عند الضَّرورة والشَّدة) [4]، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال .
وأمَّا رواية منصور بن حازم (قال : سأله أحمد بن النعمان فقال : أصلِّي محملي - وأنا مريض - ؟ قال : فقال : أمَّا النافلة فنعم، وأمَّا الفريضة فلا، قال : وذَكَر أحمد شدَّة وَجَعه، فقال : أنا كنت مريضاً شديد المرض فكنت آمرهم إذا حضرتِ الصَّلاة يضخوني (يقيموني، ينحوني، ينيخوني) فاحتمل فراشي فأوضع وأصلّي، ثمَّ احتمل بفراشي فأوضع في محملي) [5]، فتُحمل على مرض يحتمل فيه الوضع على الأرض، كما حكاه الإمام عليه السلام عن نفسه .
 وأمَّا الحمل على الاستحباب - كما عن الشَّيخ رحمه الله - فلا وجه له .
 ثمَّ إنَّ الرَّواية ضعيفة بجهالة عليّ بن أحمد بن أشيم .
 وأمَّا الإضمار فلا يضرّها، لأنَّ الظَّاهر من هذه الرِّواية أنَّ المسؤول هو الإمام عليه السلام .
****
قوله : (أمَّا النافلة فجائزة فيهما وقبلته رأس الدَّابة، ولو أمكن التوجُّه إلى القِبلة في الجميع أو البعض فهو أفضل)
المعروف بين الأعلام جواز النافلة إلى غير القِبلة في حال السَّير راكباً وماشياً، سفراً وحضراً، ضرورةً واختياراً، وسواء كان المركوب راحلةً أو سفينةً .
 أقول : يقع الكلام في ثلاثة أمور :
 الأوَّل : في جواز النافلة إلى غير القِبلة في السَّفر حال السَّير .
 الثاني : في جوازها إلى غير القِبلة في الحضر في صورة غير الاستقرار .
 الثالثة : جوازها في السَّفينة السَّائرة .
 أمَّا الأمر الأوَّل : فيدلّ عليه جملة من الرِّوايات :
 منها : صحيحة الحلبي (أنَّه سَأَل أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة النافلة على البعير والدَّابة، فقال : نعم، حيث كان متوجّهاً، وكذلك فَعَل رسول الله (صلى الله عليه وآله)) [6].
 ورواها الكليني عن محمَّد بن يحيى عن أحمد بن محمَّد عن محمَّد بن سنان مثله وزاد : (قلتُ : على البعير والدَّابة، قال : نعم، حيث ما كنت متوجّهاً، قلتُ : استقبل القِبلة إذا أردت التكبير ؟ قال : لا، ولكن تكبّر حيث ما كنت متوجّهاً وكذلك فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) )[7]، ولكنَّها ضعيفة بطريق الكليني رحمه الله بمحمَّد بن سنان .
 وأمَّا طريق الشَّيخ رحمه الله فإنَّ محمَّد بن سنان وإن كان موجوداً، إلَّا أنَّ معه غيره وهو عليّ بن النعمان .
 ومنها : صحيحة محمَّد بن مسلم (قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام : صلّ صلاة اللّيل والوتر والركعتَيْن في المحمل) [8].
 ومنها : صحيحة يعقوب بن شعيب (قال : سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن الرّجل يصلّي على راحلته، قال : يُومِئ إيماءً يجعل السُّجود أخفض من الرّكوع ... ) [9].
 ومنها : صحيحة حمَّاد بن عيسى (قال : سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول : خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى تبوك فكان يصلّي على راحلته صلاة اللّيل، حيث توجّهت به، ويُومِئ إيماءً) [10]، هذه الرِّواية رواها الحِمْيري في قرب الإسناد عن محمَّد بن عيسى، والحسن بن ظريف، وعلي بن إسماعيل، ومحمَّد بن عيسى، وإن كان مشتركاً، وعلي بن إسماعيل وإن كان مجهولاً إلَّا أنَّ الحسن بن ظريف ثقة .
 ومنها : رواية إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله عليه السلام (أنَّه قال له : إنِّي أقدر أَنْ أتوجه نحو القِبلة في المحمل، فقال : هذا لِضيق أمَّا لكم في رسول الله (صلى الله عليه وآله) أسوة) [11]، وهي ضعيفة بعدم وثاقة إبراهيم الكرخي .
 ومنها : موثقة سُماعة (قال : سألتُه عن الصَّلاة في السَّفر - إلى أن قال : - وَلْيتطوع باللّيل ما شاء إن كان نازلاً، وإن كان راكباً فَلْيصلّ على دابّته وهو راكب، وَلْيكن صلاته إيماءً، ولكن رأسه حيث يريد السُّجود أخفض من ركوعه) [12]، وكذا غيرها ممَّا ورد في الرَّاكب .



[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب14 من أبواب القِبلة ح9.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب14 من أبواب القِبلة ح2.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب14 من أبواب القِبلة ح5.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، باب14 من أبواب القِبلة ح11.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي،  باب14 من أبواب القِيام ح10.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي،  باب15 من أبواب القِبلة ح6 .
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي،  باب15 من أبواب القِبلة ح 7.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي،  باب15 من أبواب القِبلة ح5.
[9] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي،  باب15 من أبواب القِبلة ح15.
[10] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي،  باب15 من أبواب القِبلة ح20.
[11] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي،  باب15 من أبواب القِبلة ح2.
[12] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي،  باب15 من أبواب القِبلة ح14 .