الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
37/03/12
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : في السجود ومواضعه
يقع الكلام في أمرَيْن :
الأوَل : في جواز السُّجود عليهما اختياراً ، وعدمه .
الثاني : هل يجب الترتيب ، كما ذكره المصنّف رحمه الله في حال الاضطرار على السُّجود على ما لا يصحّ السّجود عليه .
أمَّا الأمر الأوَّل : فالمعروف بين الأعلام عدم جواز السُّجود عليهما اختياراً .
وفي المدارك : (المشهور بين الأصحاب تحريم السُّجود على القطن والكتان ، سواء قبل النسج ، أم بعده ... )[1] .
وفي الجواهر : (فالمشهور نصّاً وفتوًى المنع ، بل عن التذكرة والمهذب البارع والمقتصر نسبته إلى علمائنا ، بل عن الخلاف والمختلف والبيان الإجماع عليه ... )[2] .
وبالمقابل حُكي عن السَّيد المرتضى رحمه الله أنّه قال بعض رسائله : (يُكره السُّجود على الثوب المنسوج من قطن ، أو كتان ، كراهية تتنزَّه ، وطلب فَضْل ، لا أنَّه محظور ومحرَّم)[3] مع أنّه ذهب في الجمل والانتصار إلى المنع ، ونقل فيه إجماع الطائفة .
وظاهر المحقِّق رحمه الله في المعتبر الميل إلى الجواز على كراهية أيضاً ، وهو ظاهر المحدِّث الكاشاني رحمه الله في الوافي .
هذا ، وقد استدلّ للقول بالمنع بعدَّةِ أدلةٍ :
منها : الإجماع المحكي .
وفيه : ما عرفت في أكثر من مناسبة من أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد غير حجَّة .
ومنها : النصوص المانعة من السُّجود على ما لبس ، فإنّها كالنصّ في القطن والكتان ، لعدم ملبوسيّة غيرهما .
ومنها : خبر الأعمش المتقدَّم عن جعفر بن محمَّد عليهما السلام في حديث شرائع الدِّين (قال : لا يُسجد إلَّا على الأرض ، أو ما أنبتت الأرض ، لا المأكول والقطن والكتان)[4] .
ولكنَّه ضعيف ، كما تقدَّم ، لأنَّ إسناد الصَّدوق رحمه الله إلى الأعمش ضعيف بجهالة أكثر من شخص .
ومنها : خبر أبي العبّاس الفضل بن عبد الملك (قال أبو عبد الله عليه السلام : لا يسجد إلَّا على الأرض ، أو ما أنبتت الأرض ، إلَّا القطن والكتان)[5] .
ولكنّه ضعيف لعدم وثاقة القاسم بن عروة .
ومنها : حسنة زرارة المتقدّمة عن أبي جعفر عليه السلام (قال : قلتُ له : أسجد على الزّفت - يعني القير - ؟ فقال : لا ، ولا على الثوب الكرسف ... )[6] .
والكرسف : هو القطن ، كما في القاموس ، والمجمع .
ومنها : خبر عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السلام (قال : سألتُه عن الرّجل يؤذيه حرّ الأرض ، وهو في الصّلاة ، ولا يقدر على السّجود ، هل يصلح له أن يضع ثوبه إذا كان قطناً ، أو كتّاناً ؟ قال : إذا كان مضطراً فَلْيفعل)[7] .
ومفهوم الشّرط : أنّه إذا لم يضطرّ فلا يفعل ، ولكنّ ضعيف بعبد الله بن الحسن ، فإنّه مهمل .
وأمّا مَنْ ذهب إلى الجواز فقد يستدلّ له بعدّة رواياتٍ :
منها : معتبر ياسر الخادم (قال : مرّ بي أبو الحسن عليه السلام - وأنا أصلّي على الطبري - وقد ألقت عليه شيئاً أسجد عليه ؟ فقال لي : مالك لا تسجد عليه ، أليس هو من نبات الأرض)[8] .
واستشكل أغلب الأعلام بأنّ الرّواية ضعيفة لعدم وثاقة ياسر الخادم .
ولكنّ الإنصاف : أنّه لا إشكال في السّند ، لأنّ ياسر الخادم من مشايخ عليّ بن إبرهيم المباشرين ، الواقع في تفسيره .