الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

37/02/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مكانُ المصلِّي

قوله : (ومكة كغيرها ، خلافا للتذكرة ، وكذا الحرم)[1]

المعروف بين الأعلام عدم الفرق بين مكّة ، وغيرها ، في استحباب السّترة ، وقد نسب العلّامة رحمه الله في المنتهى الخلاف في المسألة إلى أهل الظاهر .

وقد خالف هو في التذكرة ، حيث قال : (لا بأس أن يصلّي في مكّة بغير سترة ، لأنّ النبي (صلى الله عليه وآله) صلّى هناك ، وليس بينه وبين الطّواف سترة ، ولأنّ النّاس يكثرون هناك لأجل المناسك ، ويزدحمون ، وبه سُميت بكّة لتباكِّ النّاس فيها ، فلو منع المصلّي من يجتاز بين يديه ضاق على النّاس - ثم قال : - وحكم الحرم كلّه كذلك ، لأنّ ابن عباس قال : أقبلتُ راكباً على حمارِ أتان ، والنبي (صلى الله عليه وآله) يصلّي بالنّاس بمنى إلى غير جدار ، ولأنّ الحرم محلّ المشارع والمناسك).

قال المصنِّف رحمه الله في الذكرى - بعد نقل ذلك عنه - وقد روى في الصّحاح أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) صلّى بالأبطح ، فركزت له عنزة ، رواه أنس وأبو حجيفة[2] ، ولو قيل : السّترة مستحبة مطلقاً ، ولكن لا يمنع المارّ في هذه الأماكن لِمَا ذكر ، كان وجهاً) [3] .

أقول : ما تمسّك به العلّامة رحمه الله في التذكرة ، والمصنّف رحمه الله في الذكرى ، من الأخبار العاميّة ، فيه ما فيه ، بل هو عجيب من أمثالهما .

والصحيح : وإن كان ما ذكراه ، إلّا أنّ المستند في المسألة صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة (قال : قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام أقوم أصلّي بمكّة والمرأة بين يدي جالسة أو مارّة ، فقال : لا بأس إنّما سمّيت بكّة ، لأنّه يبكّ فيها الرجال والنّساء)[4] ، والله العالم بحقائق أحكامه .

تمّ الانتهاء منه عصر يوم السّبت 19 ذي الحجة سنة 1436 هـ الموافق لـ 3 تشرين أول سنة 2015 مـ

وذلك في بيروت حارة حريك

 

قوله : ( درس 32

تستحبّ المكتوبة في المساجد والمشاهد ، ففي المسجد الحرام بعشرة آلاف ، وفي مسجد المدينة بألف ، ورُوي بعشرة آلاف ، وفي المسجد الحرام بمائة ألف ، وفي مسجد الكوفة والأقصى بألف ، وفي الجامع بمائة ، وفي مسجد القبيلة بخمس وعشرين ، وفي مسجد السّوق باثني عشرة)[5]

في المدارك : (أمَّا أنَّ الصَّلاة المكتوبة في المسجد أفضل من المنزل فهو موضع وفاقٍ بين المسلمين ، بل الظّاهر أنّه من ضروريات الدّين)[6] ، وفي الجواهر : (بلا خلاف بين المسلمين ، بل هو مجمع عليه بينهم ، بل لعلّه من ضروريات الدّين ... )[7] .

أقول : الأخبار الدَّالة على ذلك فوق حدّ الإحصاء :

منها : صحيحة جابر عن أبي جعفر عليه السلام (قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لجبرئيل عليه السلام : يا جبرئيل ! : أيّ البقاع أحبّ إلى الله عزوجل ؟ قال : المساجد ، وأحبّ أهلها إلى الله أوّلهم دخوله ، وآخرهم خروجاً منها )[8] .

ومنها : معتبرة السّكوني عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليه السلام (قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله) : مَنْ كان القرآن حديثه ، والمسجد بيته ، بنى الله له بيتاً في الجنّة)[9] .

ومنها : مرسلة الحسن بن محمد الديلمي في الإرشاد عن عليّ عليه السلام (قال : الجلسة في الجامع خير لي من الجلسة في الجنّة ، لأنّ الجنّة فيها رضى نفسي ، والجامع فيه رضى ربي)[10] ، وهي ضعيفة بالإرسال .

ومنها : صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : سأله ابن أبي يعفور كم أصلّي ؟ فقال : صلّ ثمان ركعات عند زوال الشّمس ، فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : الصّلاة في مسجدي كألف في غيره ، إلّا المسجد الحرام ، فإنّ الصّلاة في المسجد الحرام تعدل ألف صلاة في مسجدي)[11] .

ومنها : صحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : الصّلاة في مسجدي تعدل ألف صلاة في غيره إلّا المسجد الحرام فإنّه أفضل منه)[12] .

ومنها : رواية هارون بن خارجة (قال : الصّلاة في مسجد الرّسول (صلى الله عليه وآله) تعدل عشرة آلاف صلاة )[13] ، ولكنّها ضعيفة ، فإنّها مقطوعة ، مضافاً إلى جهالة أبي سلمة .

ومثلها رواية أبي الصّلت (قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :صلاة في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) تعدل بعشرة آلاف)[14] ، وهي ضعيفة أيضاً بجهالة أبي الصّلت .

ونحوها رواية جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، حيث ورد فيها : (وصلاة في مسجدي تعدل عشرة آلاف صلاة فيما سواه من المساجد إلّا المسجد الحرام ... )[15] وهي ضعيفة بسهل بن زياد .

ومنها : رواية مسعدة بن صدقة عن الصّادق جعفر بن محمّد عليه السلام عن آبائه عليهم السلام (قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : صلاة في مسجدي هذا تعدل عند الله عشرة آلاف صلاة في غيره من المساجد إلّا المسجد الحرام ، فإنّ الصّلاة فيه تعدل مائة ألف صلاة)[16] ، ولكنّها ضعيفة بمسعدة بن صدقة ، فإنّه غير موثق .

 

ومنها : معتبرة السّكوني عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام (قال : الصّلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة)[17] .


[1] الدروس الشرعية في فقه الإمامية، الشهید الاول، ج1، ص155.
[2] صحيح مسلم، ج2، ص56.
[3] جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي الجواهري، ج8، ص410.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج5، ص134، أبواب مكان المصلّي، باب11، ح7، ط آل البیت.
[5] الدروس الشرعية في فقه الإمامية، الشهید الاول، ج1، ص155.
[6] مدارك الأحكام، السيد محمد بن علي الموسوي العاملي، ج4، ص407.
[7] جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي الجواهري، ج14، ص137.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج5، ص294، أبواب مكان المساجد، باب68، ح2، ط آل البیت.
[9] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج5، ص198، أبواب مكان المساجد، باب3، ح2، ط آل البیت.
[10] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج5، ص199، أبواب مكان المساجد، باب3، ح6، ط آل البیت.
[11] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج5، ص281، أبواب مكان المساجد، باب57، ح6، ط آل البیت.
[12] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج5، ص280، أبواب مكان المساجد، باب57، ح5، ط آل البیت.
[13] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج5، ص279، أبواب مكان المساجد، باب57، ح2، ط آل البیت.
[14] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج5، ص279، أبواب مكان المساجد، باب57، ح3، ط آل البیت.
[15] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج5، ص280، أبواب مكان المساجد، باب57، ح4، ط آل البیت.
[16] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج5، ص271، أبواب مكان المساجد، باب52، ح5، ط آل البیت.
[17] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج5، ص272، أبواب مكان المساجد، باب52، ح7، ط آل البیت.