الموضوع : فقه الصَّلاة / في لباس المصلَّي /
قوله : (وزرّ الثوب) .[1]
المعروف بين الأعلام كراهة حلّ الأزرار
في الصّلاة، لا استحباب زرّ الثوب، وذلك للنهي عن حلّها المحمول على الكراهة،
جمعاً بين الأخبار .
وأمّا النهي عن الحلّ فقد ورد ذلك في
عدّة أخبار :
منها : معتبرة غياث بن إبراهيم عن
جعفر عن أبيه ‘
(قال : لا يصلّي الرّجل محلولَ الأزرارِ إذا لم يكن عليه إزار) [2].
ومنها : رواية إبراهيم الأحمري
(قال : سألتُ أبا عبد الله ‘ عن رجلٍ يصلّي وأزرارُه محلّلة،
قال : لا ينبغي ذلك)[3]، ولكنّها ضعيفة بجهالة
إبراهيم الأحمري، مضافاً إلى أنّ لفظة (لا ينبغي) ظاهرة في الكراهة .
ومنها : رواية زياد بن منذر عن أبي
جعفر ‘ - في حديث -
(أنّ حلّ الأزرارِ في الصّلاةِ من
عملِ قومِ لوط) [4]، وهي ضعيفة أيضاً،
لأنّ مالك بن عطيّة الوارد في السند لم يُحرَز اتحاده مع الأحمسي الثقة .
وإنّما حملنا معتبرة غياث على
الكراهة لصحيحة زياد بن سوقة عن أبي جعفر ‘
(قال : لا
بأس أن يصلّي أحدُكم في الثوبِ الواحدِ وأزرارًه محلّلة، إنّ دينَ محمَّدٍ حنيفٌ)[5].
قوله : (وجعل اليدين بارزتين، أو في الكُمَّين، لا تحت الثياب) . ففي موثَّقة عمَّار عن أبي عبد الله ‘
(قال : سألتُه عن الرّجل يصلّي فيُدخِل يدَه في ثوبه، قال : إن كان
عليه ثوب آخر - إزار أو سراويل - فلا بأس، وإن لم يكن فلا يجوز ذلك، وإن أدخل
يداً واحدةً، ولم يُدخِل الأخرى، فلا بأس)[6].
ولا يخفى أنّ المنع في قوله ‘ : (وإن لم يكن فلا يجوز ذلك) محمول
على الكراهة، وذلك لصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر ‘ الدالّة على الجواز
(قال : سألته عن الرّجل يصلّي ولا يُخرِج يديه من ثوبه، قال
: إن أخرج يديه فحسن، وإن لم يخرج فلا بأس)[7].
قوله : (وجعل المصلي
في سراويله شيئا على عاتقه ولو تكة، أو خيطا، او يتقلد سيفاً) . قال المصنف في الذكرى :
( ويستحب لمن صلى في سراويل وحده أن يجعل على عاتقه شيئا ولو تكة، ولو
كان معه سيف فليتقلد السيف ... )[8].
أقول : يدل على ذلك صحيحة عبد الله بن سنان
(قال : سئل أبو عبد الله ‘ عن رجل ليس معه إلا سراويل، قال : يحل التكة
منع فيطرحها على عاتقه ويصلي، قال : وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلد السيف
ويصلي قائماً)[9].
وفي مرفوعة علي بن محمد إلى أبي عبد
الله ‘
(في رجل يصلي في سراويل ليس معه غيره قال : يجعل
التكة على عاتقه)[10]، ولكنها ضعيفة بالرفع
.
وفي حسنة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله
‘ حيث ورد في ذيلها
(إذا لبس السروايل فليجعل على عاتقه
شيئا ولو حبلاً)[11].
قوله :
(ولُبْس أخشنَ الثيابِ وأغلظها، ورُوِي : أجملها) . يُستفاد ذلك من بعض الرّوايات :
منها : رواية محمّد بن الحسين بن كثير الخزّاز عن أبيه
( قال : رأيت أبا عبد الله ‘ وعليه قميص غليظ خشن تحت ثيابه، وفوقه
جُبّة صوف، وفوقها قميص غليظ فمسستها، فقلت : جعلت فداك ! إنّ النّاس يكرهون
لباس الصوف، فقال : كلا، كان أبي محمّدُ بن علي ‘ يلبسها، وكان عليُّ بن الحسين
‘ يلبسها، وكانوا ‘ يلبسون أغلظ ثيابهم إذا قاموا إلى الصَّلاة، ونحن نفعل ذلك)[12]،
ولكنّها ضعيفة بمحمّد بن الحسين بن كثير الخزّاز وأبيه، فإنّهما غير مذكورَيْن .
ومنها : روايته الأخرى عن أبيه
(قال : رأيت على أبي عبد الله ‘ جُبّة صوف بين ثوبين غليظين،
فقلت له في ذلك، فقال : رأيت أبي يلبسها، إنَّا إذا أردنا أن نصلّي لبسنا أخشن
ثيابنا) [13]، وهي ضعيفة بما تقدّم
.
ومنها : رواية حريز عن أبي عبد الله ‘
(قال : اتَّخِذ مسجداً في بيتك إذا (فإذا) خفت شيئاً
فالبس ثوبين غليظين من أغلظ ثيابك فصلِّ فيهما ... )
[14]، ولكنّها ضعيفة بمعلَّى بن محمَّد، فإنَّه غير موثَّق .
هذا، وقد ورد في بعض الأخبار استحباب
التجمُّل في الصَّلاة :
منها : ما في مجمع البيان عن أبي جعفر
‘
(في قوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد، قال : أي
خذوا ثيابكم التي تتزينون بها للصلاة في الجمعات والأعياد).[15]
ومنها : ما في مجمع البيان أيضاً
( قال : وروى العياشي بإسناده عن الحسن بن علي ‘ أنّه كان
إذا قام إلى الصّلاة لبس أجود ثيابه، قيل له : يا بن رسول الله ! لِمَ تلبس أجود
ثيابك ؟! فقال : إنّ الله جميل يحبّ الجمال، فأتجمّل لربي، وهو يقول : خذوا
زينتكم عند كلّ مسجد، فأحبّ أن ألبس أجمل ثيابي)[16].
ولكنَّهما ضعيفتا بالإرسال :
الأولى :
مرسلة مجمع البيان .
والثانية :
مرسلة العياشي، لأنّه لم يذكر طريقه إلى الإمام الحسن ‘، بل قد عرفت في بعض
المناسبات أن تفسير العياشي كلّها مرسل .
ثمّ إنّه - مع قطع النظر عن ضعف
السند - يمكن الجمع بين الطائفتين، كما عن الشيخ الحر العاملي ¬، باستحباب لُبْس
أخشن الثياب في الصّلاة في الخلوة، واستحباب لبس أجملها بين النّاس .
قوله : (ولا تبطل
الصلاة بانكشاف العورة في الأثناء من غير فعل المصلي، نعم يجب المبادرة إلى الستر)
.المشهور بين الأعلام الصحّة في الصّورة
المفروضة، وفي الجواهر : (
واحتمال
الالتزام بعدم الصحّة فيها أيضاً يدفعه أوّلاً : أنّه خلاف المستفاد من البيان
والتحرير والتذكرة والمحكي عن المعتبر والمختلف والمنتهى ونهاية الأحكام، بل لم
أجد مخالِفاً صريحاً في ذلك، نعم ظاهر التحرير احتمال البطلان، وثانياً : أنّه
لا ريب في صدق مضمون الصحيح عليه ... )
[17]،
يقصد : صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ‘
(قال :
سألته عن الرّجل صلّى، وفرجه خارج لا يعلم به، هل عليه إعادة أو ما حاله ؟ قال :
لا إعادة عليه وقد تمَّت صلاته)[18].