الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

36/04/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : فقه الصَّلاة / في لباس المصلَّي /
قوله : (وكذا التوشح فوق القميص، والرداء فوق الوشاح) .
المعروف بين الأعلام أنّه يُكره التوشّح فوق القميص، بل وكذا تحته، وتحت الرداء، أي : يكون الرداء فوق الوشاح .
 ويدلّ على ذلك جملة من الأخبار، بلغت حدّ الاستفاضة :
 منها : صحيحة أبي بصير المتقدِّمة .
 ومنها : مرسلة محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابنا عن أحدهما (عليهما السلام) (قال : قال : الارتداء فوق التوشّح في الصّلاة مكروه، والتوشح فوق القميص مكروه)[1]، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال .
 ومنها : رواية زياد بن المنذر أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) (قال : سأله رجل - وأنا حاضر - عن الرجل يخرج من الحمام أو يغتسل فيتوشّح، ويلبس قميصه فوق الإزار، فيصلّي وهو كذلك، قال : هذا عمل قوم لوط، قال : قلت : فإنّه يتوشّح فوق القميص، قال : هذا من التجبُّر ... )  [2]، ولكنَّها ضعيفة بطريقيها، أمَّا طريق الشيخ (رحمه الله) فلأن مالك بن عطية الموجود في السند مجهول الحال، ولم يُحرَز اتحاده مع الأحمسي البجلّي الثقة ؛ وأمَّا بطريق الصدوق (رحمه الله) فلأنّ محمد بن سنان في طريق الصَّدوق (رحمه الله) إلى زياد بن المنذر .
 ثمّ إنّ قوله (عليه السلام) : (فيتوشّح، ويلبس قميصه فوق إزاره ... ) أي : يلبس قميصه فوق إزاره الذي توشَّح به .
 ومنها : رواية الهيثم بن واقد عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال : إنّما كُرِه التوشّح فوق القميص لأنّه من فعل الجبابرة)[3]، ولكنّها ضعيفة لأنّ هيثم بن أبي مسروق لم يمدح مدحاً معتداً به .
 ومنها : ما في الخصال بإسناده عن علي (عليه السلام) في حديث الأربعمائة (قال : لا يصلّي الرّجل في قميص متوشّحاً به، فإنّه من أفعال قوم لوط) [4]، وهو ضعيف بالقاسم بن يحيى، وجدّه الحسن بن راشد، فإنّهما غير موثّقين .
 ومنها : رواية يونس بن عبد الله الرحمان عن جماعة من أصحابه عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) (أنَّه سُئِل ما العلّة التي من أجلها لا يصلّي الرّجل وهو متوشّح فوق القميص ؟ فقال : لعلَة الكِبر في موضع الاستكانة والذلّ) [5]، وهي ضعيفة لا من أجل الإرسال، للوثوق بوجود الجماعة من أصحابه، إذ بعيد جدّاً أن تكون كلّها ضعيفة، بل لأجل وجود إسماعيل بن مراد في السند وهو غير موثق .
 ويتأكّد ذلك في الإمام، كما يدلّ عليه موثّقة عمّار بن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال : سُئِل عن الرّجل يؤمّ بقوم يجوز له أن يتوشّح ؟ قال : لا يصلي الرجل بقوم وهو متوشح فوق ثيابه، وإن كانت عليه ثياب كثيرة، لأنّ الإمام لا يجوز له الصّلاة وهو متوشّح ... )[6].
  ولا ينافي ذلك ما في حسنة حمّاد بن عيسى (قال : كتب الحسن بن علي بن يقطين إلى العبد الصالح : هل يصلّي الرّجل الصَّلاة، وعليه إزار متوشّح به فوق القميص ؟ فكتب : نعم)[7]، وكذا صحيحة علي بن جعفر عن أخيه (قال : سألته عن الرجل يتوشّح بالثوب فيقع على الأرض، أو يجاوز عاتقه، أيصلح ذلك ؟ قال : لا بأس)[8].
 ووجه عدم المنافاة : هو إمكان حملهما على إرادة الجواز غير المنافي للكراهة .
 بقي الكلام في معنى التوشّح : والقدر المتيقن منه هو ما ذكره الفيومي في مصباحه : (توشّح به هو أن يدخله تحت إبطه الأيمن ويلقيه على منكبه الأيسر كما يفعله المحرم، وفي كتاب المغرب مثل ما في المصباح - ثم قال : - وكذلك الرجل يتوشّح بحمائل سيفه فيقع الحمائل على عاتقه الأيسر، تكون اليمنى مكشوفة) .
قوله : (والصلاة في خرقة الخضاب) .
ذكر جماعة من الأعلام، منهم المصنِّف (رحمه الله) في الذكرى : (أنّه تكره الصَّلاة في خرقة الخضاب) .
  وقد يُستدلّ لذلك بحسنة أبي بكر الحضرمي (قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرّجل يصلّي، وعليه خضابه، قال :  لا يصلّي وهو عليه، ولكن ينزعه إذا أراد أن يصلّي، قلت : إن حنّاءه نظيفة، قال : لا يصلّي وهو عليه، والمرأة أيضاً، لا تصلّي وعليها خضابها)[9].
 وقد حُمِل قوله (عليه السلام) : (لا يصلّي وهو عليه) على الكراهة، وذلك لعدّة من الأخبار دلّت على الجواز :
 منها : صحيحة رفاعة (قال : سألتُ أبا الحسن (عليه السلام) عن المختضب إذا تمكّن من السّجود والقراءة أيضاً أيصلّي في حنّائه ؟ قال : نعم، إذا كانت خرقته طاهرة، وكان متوضئاً)[10].
 ومنها : موثّقة عمار الساباطي (قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة تصلّي ويداها مربوطتان بالحنّاء، فقال : إن كانت توضّأت للصّلاة قبل ذلك فلا بأس بالصّلاة، وهي مختضبة، ويداها مربوطتان) [11]، وكذا غيرها من الرّوايات الواردة في المقام .



[1] الوسائل ب24 من أبواب لباس المصلّي ح3 .
[2] الوسائل ب45 من أبواب لباس المصلّي ح4 .
[3] الوسائل ب24 من أبواب لباس المصلّي ح10 .
[4] الوسائل ب24 من أبواب لباس المصلّي ح9 .
[5] الوسائل ب24 من أبواب لباس المصلّي ح11 .
[6] الوسائل ب24 من أبواب لباس المصلّي ح2 .
[7] الوسائل ب24 من أبواب لباس المصلّي ح7 .
[8] الوسائل ب24 من أبواب لباس المصلّي ح12 .
[9] الوسائل ب39 من أبواب لباس المصلّي ح5 .
[10] الوسائل ب39 من أبواب لباس المصلّي ح2 .
[11] الوسائل ب39 من أبواب لباس المصلّي ح4 .