الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

36/02/22

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: فقه / الصَّلاة / صلاة القضاء وأحكامها /
قال صاحب الجواهر  : ولعلّه أُخِذ من أصل حريز المشهور، ولذا صدره به كما هو مظنّة ذلك، وغيره من الأصول القديمة، على ما يظهر منه في الرسالة، فيكون حينئذٍ صحيحاً، بناءً على صحّة طريقه إلى الكتاب المزبور، كما هو الظاهر.
 وفيه : ما عرفت، إذ لم يذكر طريقه إليه حتّى نرى أنّه صحيح أم لا، ومجرد الظنّ بصحّة الطريق لا يفيد، والله العالم .
 ومنها : ما وجده ابن طاووس  في أمالي السيد أبي طالب علي بن الحسين الحسني قال : حدثنا منصور  بن رامس، حدثنا علي بن عمر الحافظ الدارقطني، حدثنا أحمد بن نصر بن طالب الحافظ، حدثنا أبو ذهل عبيد بن عبد الغفار العسقلاني، حدثنا أبو محمد سليمان الزاهد، حدثنا القاسم بن معن، حدثنا العلاء بن مسيّب بن رافع، حدثنا عطاء بن أبي رياح عن جابر بن عبد الله قال : قال رجل : يا رسول الله ! وكيف أقضي ؟ قال : صلِّ مع كلِّ صلاة مثلها، قيل : يا رسول الله ! قبل أم بعد ؟ قال : (صلى الله عليه وآله) قبل[1]، وهي ضعيفة، لأنَّ أغلب رجال السند مجهولو الحال، ولكنّها ظاهرة جدّاً في المواسعة، بل هي صريحة .
 وحكى صاحب الجواهر  عن بعض نسخ الفوائد المدنيّة المحكي فيها رسالة السيد المزبور وصف الحديث بالصحة .
 وفيه : ما لا يخفى، ومن أين تأتي الصحّة له ؟! .
 قيل ويؤيِّده : ما ذكره المصنِّف  في الذكرى عن إسماعيل بن جابر قال : سقطتُ عن بعيري، فانقلبت على أمِّ رأسي، فمكثت سبع عشرة ليلة مغمًى عليَّ فسألته عن ذلك، فقال : إقضِ مع كلّ صلاة صلاة[2]، فإنَّه صريح في المواسعة لو أوجبنا القضاء على المغمى عليه، بل يصحّ الاستدلال به - لو صحّ سنده - للصدوق  في المقنع القائل بوجوب ذلك، ولكنَّ الرواية ضعيفة بالإرسال، لعدم ذكر الشهيد  طريقه إلى إسماعيل بن جابر، وضعيفة أيضاً بالإضمار .
 قيل ويؤيِّده : ما ذكره المصنِّف  في الذكرى أيضاً، قال : وفي كتاب الرحمة في الحديث مسند برجال الأصحاب إلى عمَّار الساباطي، قال : قال سليمان بن خالد لأبي عبد الله ‘ - وأنا جالس - إنِّي منذ عرفت هذا الأمر أصلِّي في كلِّ يوم صلاتين أقضي ما فاتني قبل معرفتي، قال : لا تفعل، فإنَّ الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصَّلاة ...  [3].
ورواه الكشي في كتاب الرجال مسنَداً، ولكنَّ إسناده ضعيف بجهالة علي بن يعقوب، كما أنَّه ضعيف في الذكرى، لعدم ذكر المصنِّف  طريقه إلى كتاب الرحمة، بل المصنِّف  في الذكرى وصف هذا الحديث بالضعف، حيث قال : وهذا الحديث مع ندوره وضعف سنده ... .
 وجه التأييد : أنَّه ‘ بيَّن له فساد اعتقاده وجوب القضاء، ولكنّ لم يبين له فساده في كيفيّته، فيُفهم من ذلك إمضاء فعله وإقراره عليه من هذه الجهة .
 والذي يهوِّن الخطب : أنّ الرواية ضعيفة السند مع إعراض المشهور عنها .
 ومنها : ما رواه عبد الله بن جعفر في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ‘قال : سألته عن رجلٍ نسي المغرب حتّى دخل وقت العشاء الآخرة قال : يصلّي العشاء، ثمّ المغرب - وبالإسناد - قال : وسألته عن رجل نسي العشاء فذكر بعد طلوع الفجر، كيف يصنع ؟ قال : يصلِّي العشاء، ثمّ الفجر - وبالإسناد - قال : سألته عن رجل نسي الفجر حتّى حضرت الظُّهر، قال : يبدأ بالفجر، ثمّ يصلَّي الظُّهر، كذلك كلّ صلاة بعدها [4] [5] [6]، هكذا في الوسائل .
 ولكن الموجود في قرب الإسناد يبدأ بالظُّهر، ثمَّ يصلِّي الفجر، وبذلك يتمّ الاستدلال بالرواية، ولا ينافيه الأمر فيه بتقديم العشاء على الفجر، وذلك للتجنب عن وقوعها بعد الصّلاة التي لا صلاة بعدها، وأمَّا الأمر في أوّله بتأخير المغرب فهو محمول على مغرب الليلة السابقة، أو تطرح هذه الفقرة عن الحجيَّة، بناءً على صحّة الرواية، لِمَا عرفت من عدم الملازمة بين الفقرات في الحجيّة .
 ولكن لا يخفى أنّ الرواية ظاهرة في الفرق بالنسبة إلى رجحان تقديم الفائتة وتأخيرها بين ما بعدها صلاة، كالظّهر والمغرب، وما ليس بعدها صلاة، كالعصر والصبح، فتقدّم الحاضرة في الأوّل استحباباً، والفائتة في الثاني .
 والذي يهوِّن الخطب : أنّ الرواية ضعيفة بعبد الله بن الحسن، فإنّه مهمل .
 ومنها : الروايات الكثيرة الدَّالة على جواز النافلة لمن عليه فائتة، وقد تقدَّمت هذه الأخبار، والتي منها موثّقة أبي بصير عن أبي عبد الله ‘قال : سألته عن رجل نام عن الغداة حتّى طلعت الشَّمس، فقال : يصلِّي ركعتين، ثمَّ يصلِّي الغداة [7]، وموثَّقة عمَّار عن أبي عبد الله ‘قال : لكلِّ صلاة مكتوبة لها نافلة - إلى أن قال : - فإذا أردتَ أن تقضي شيئاً من الصَّلاة مكتوبة أو غيرها فلا تصلِّ شيئاً حتّى تبدأ، فتصلِّي قبل الفريضة التي حضرت ركعتين نافلة لها، ثم اقضِ ما شئت [8].
 والإنصاف : أنّ الروايات الدَّالة على المواسعة متواترة معنًى، وبعضها صريح .
 وعليه، فلو فرضنا أنَّ الروايات المستدلّ بها على المضايقة تامّة سنداً ودلالةً، فتحمل على الاستحباب جمعاً بين الروايات، وقد تبيّن لك أن القول بالمواسعة لا محيص عنه، والله العالم بحقائق أحكامه .






[1] مستدرك الوسائل، الميرزا حسين النوري الطبرسي، أبواب قضاء الصَّلوات، باب1، ح9
[2] الوسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص267، أبواب قضاء الصلوات، باب4، ح15، ط آل البیت.
[3] الوسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج1، ص127، أبواب مقدمة العبادات ملحق، باب31، ح4، ط آل البیت.
[4] الوسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص255، أبواب قضاء الصَّلوات، باب1، ح7، ط آل البیت.
[5] الوسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص255، أبواب قضاء الصَّلوات، باب1، ح8، ط آل البیت.
[6] الوسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص255، أبواب قضاء الصَّلوات، باب1، ح9، ط آل البیت.
[7] الوسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج4، ص284، أبواب المواقيت، باب61، ح2، ط آل البیت..
[8] الوسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج4، ص284، أبواب المواقيت، باب61، ح5، ط آل البیت.