الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/02/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ عدد الغسلات بعد زوال العين
 كان الكلام بالنسبة لقول العلامة أنه اذا جف البول يكتفي بغسلة واحدة واذا لم يجف فبغسلتين وذكرنا الدليل الأول وقلنا انه في غير محله والثاني وهو الرواية الحسن بن حسين بن علاء حيث فيه الزيادة اغسل مرتين وقلنا أن هذه الزيادة لم تثبت وعن صاحب المعالم: لم أرَ لهذه الزيادة أثراً في كتب الحديث الموجودة الآن بعد التفحص بقدر الوسع ، ولكنَّها موجودة في "المعتبر" ، وأحسبها من كلامه ... ، ونحوه ما عن "الذخيرة" .
 ثمَّ إنَّه لو سُلِّم ثبوتها فلا يمكن أن تكون هذه الزيادة مفسِّرة للأخبار الآمرة بالغسلتَيْن ، إذ يلزم على ذلك حمل الروايات الآمرة بالتعدد على صورة وجود العين ، وهو حمل لها على مورد نادر ، لأنَّ الغالب في غسل الثوب والجسد إنَّما هو غسلهما بعد الجفاف .
  أضف إلى ذلك: أنَّ حمل الغسالة الأولى على الإزالة يكون مخالِفاً للسياق ، مع أمر بالغسلة الثانية .
 والخلاصة إلى هنا: أنَّ ما ذهب إليه العلَّامة في "المنتهى" - من التفصيل - غير تامّ .
  وأمَّا ما ذهب إليه صاحب المدارك والمعالم ، من التفصيل بين الثوب والبدن والاكتفاء بالمرّة في البدن ، دون الثوب ، فمستندها دعوى ضعف سند الروايات الآمرة بغسل البدن مرتين ، ولكن لا يخفى عليك ضعف هذه الدعوى ، لأنَّ الروايات الآمرة بغسل البدن مرتَيْن فيه الصحيح والحسن .
  ومنه تعلم أنَّه لا حاجة للقول : بأنَّ ضعف السند لو سُلِّم فإنَّه مجبور بعمل الاصحاب ، لِمَا تقدَّم منَّا في أكثر من مناسبة .
 ثمَّ إنَّه ينبغي التنبيه على أمور :
 الأول: مقتضى إطلاق النصوص عدم الفرق بين بول الآدمي وغيره ، ممَّا لا يُؤكل لحمه ، فالحكم يشمل سائر الأبوال ، وذكر جماعة من الأعلام ، منهم المحقِّق الهمداني: أنَّه لا يبعد دعوى انصراف الأخبار إلى بول الآدمي
 ويؤيده: ترك الاستفصلال عن كونه من المأكول أو غيره .
 وفيه: أنَّ هذه الدعوى ممنوعة ، وعهدتها على مدعيها ، وكون الغالب هو بول الآدمي لا يوجب الانصراف من حاق اللفظ ، ومن هنا يتعيَّن تقييد إطلاق الآمر بالغسل في حسنة عبد الله سنان المتقدِّمة : ( قال : قال أبو عبد الله ع: ( اِغسل ثوبك من أبوال ما لا يُؤكل لحمه ) [1]
 
 فيتقيَّد بالغسل مرتَيْن .
 الثاني: هل يُعتبر الفصل بين الغسلتَيْن ليتحقّق العدد ، أم لا ؟ .
 يظهر من أكثر الأعلام اعتبار الفصل بينهما ، منهم الشهيد الثاني وصاحب الجواهر وصاحب الحدائق والمحقّق الهمداني والسيد أبو القاسم الخوئي ، وغيرهم .
 واكتفى المصنِّف في "الذكرى" : باتصال الماء بقدر الغسلتَين ، قال صاحب المدارك: وهو مشكل .
 نعم ، لو كان الاتصال بقدر زمان الغسلتَيْن والقطع أمكن الاكتفاء به فيما لا يعتبر تعدّد العصر فيه ، لأن اتصال الماء في زمان القطع لا يكون أضعف حكماً من عدمه
 وممَّن وافق المصنِّف - في الاكتفاء بالفصل التقديري - المحقِّق الثاني في "جامع المقاصد" في باب الاستنجاء ، كما أنَّه حُكِي عن جماعة من الأعلام : الاجتزاء باتصال الماء الذي يُغسل به ، وتدافعه ، المقدَّر فيه الغسلتان
 والإنصاف: أنَّ صِدق التعدُّد بمجرد الفصل التقديري غير متحقق إذ المفهوم عرفاً من التعدُّد هو الفصل الحسِّي ، فلا تصدق المرتان إلَّا بذلك .
 وأمَّا ما ذكره صاحب المدارك ¬ وإن كان مستحسناً عقلًا إلَّا أنَّه غير مقبول هنا ، إذ الأحكام الشرعيَّة توقيفيَّة تعبديَّة ، والعقل قاصر عن إدراك الملاكات .
 والخلاصة: أنَّ اعتبار الفصل الحسِّي بين الغسلتَيْن لو لم يكن أقوى فهو أحوط بلا إشكال .


[1] - الوسائل باب81 من أبواب النجاسات ح2