الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/01/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ العصر في غير الكثير
 كان الكلام في الاستدلال على وجوب العصر
 ومنها: الأمر بالعصر في ثلاث روايات :
 الأولى: ما في "الفِقه الرضوي" : ( وإن أصابك بول في ثوبك فاغسله من ماء جارٍ مرة ، ومن ماء راكد مرتَيْن ، ثمَّ اعصره ... ) [1] .
 الثانية: ما عن دعائم الإسلام عن علي ع قال - في المني يصيب الثوب -: ( يغسل مكانه ، فإن لم يعرف مكانه ، وعلم يقيناً أنَّه أصاب الثوب ، غسله كلَّه ثلاث مرات ، يفرك في كلّ مرة ، ويغسل ، ويعصر ) [2]
 الثالثة: حسنة الحسين بن أبي العلاء قال: ( سألت أبا عبد الله ع عن البول يصيب الجسد قال : صُبَّ عليه الماء مرتَيْن ، فإنَّما هو ماء ، وسألته عن الثوب يصيبه البول ، قال : اغسله مرتَيْن ، وسألته عن الصبي يبول على الثوب ، قال : يُصبّ عليه الماء قليلًا ، ثمَّ يعصره ... ) [3] .
 وفيها :
 أمَّا الأولى: فقد عرفت في أكثر من مناسبة أنّ "فِقه الرضا ع" لم يثبت كونه رواية ، إن لم يكن الثابت عدمه ، إلا ما ورد فيه بعنوان روى فتكون رواية مرسلة حينئذٍ .
 أضف إلى ذلك: أنَّ المذكور منها العصر بعد الغسل ، مع أنَّ منِ اعتبر العصر إنّما اعتبره في الغسل ، لا بعده .
  ومهما يكن ، فإنّ صاحب الحدائق اعتبر وجوب العصر في الغسل استناداً إلى هذه الرواية ، قال : ( والتحقيق عندي في المقام وإن لم يهتدِ إليه أولئك الأعلام أنَّ أكثر الأخبار المتقدَّمة وإن خلا من ذكر العصر إلّا أنَّ كلامه ع في "الفِقه الرضوي" قدِ اشتمل عليه وبه يُخصّ إطلاق تلك الأخبار ، وبه يظهر أنَّ العلة إنَّما هو النصّ ، دون ما ذكروه من هذه التخريجات ...)
 كما أنَّ صاحب المستند استند في وجوب العصر في الغسل إلى هذه الرواية .
 وأمَّا الثانية: فهي
 أوَّلًا: ضعيفة بالإرسال .
 وثانياً: اعتبرت الغسل من المني ثلاث مرات مع الفرك في كل غسلة ، مع أنَّه لا قائل بذلك .
 وأمَّا الثالثة: فلأنَّها إنَّما تضمنت الأمر بالعصر في بول الصبي .
 والظاهر أنَّ المراد به الرضع ، كما يدلّ عليه الاكتفاء في طهارته بصبّ الماء القليل عليه ، مع اعتبار المرتَيْن في غيره ، وهي متروكة عند الأعلام ، إذ لا يجب الغسل في بول الصبي الرضيع ، غير المتغذي ، حتّى يعتبر فيه العصر ، ومن هنا يمكن حملها على الاستحباب ، أو على أنَّ المراد بالعصر ما تتوقَّف عليه إخراج عين النجاسة من الثوب ، وهذا لا إشكال فيه حينئذٍ .
 وقدِ اتضح ممَّا تقدَّم أنَّه لم يثبت شيء من تلك الأدلّة اعتبار العصر في الغسل ، قال صاحب الجواهر: ( وهو الذي يقوى في نفس الحقير ، وفاقاً لصريح جماعة من متأخري المتأخرين ، بل في "اللوامع" نسبته إلى الكركي ، وجُلّ الطبقة الثالثة ، لإطلاق أدلَّة الغسل ، المؤيَّد بسهولة المِلة وسماحتها ...) .
  ثمَّ إنَّ هذا كلّه في الغسل بالماء القليل ، وأمَّا الغَسْل بالماء المعتصم فعلى ما اخترناه من عدم وجوب العصر بالغسل بالماء القليل فالأمر أوضح هنا .
 وأمَّا منِ اعتبر العصر في الغسل بالماء القليل فالمشهور بينهم عدم اعتباره بالغسل بالماء المعتصم ، بل في "الجواهر" : لم نعثر على مصرِّح بخلافه.
 أقول: قد يُستَدل على عدم اعتباره بالغسل بماء المطر بما في ذيل مرسلة الكاهلي عن أبي عبد الله ع: ( كلُّ شيءٍ يراه ماء المطر فقد طهر ) [4]
 فإنّ الرؤية تتحقّق بدون العصر ، ويثبت الحكم في الجاري بضميمة عدم القول بالفرق .
 وقيل أيضاً: إنَّ الظاهر لا قائل بالفرق بينه وبين الكثير .
 وفيه
 أوَّلًا: أنَّ الرواية ضعيفة بالإرسال .
 وثانياً: يُحتَمل أن يكون لماء المطر خصوصيَّة ليست موجودة في غيره .
  وقد يُستَدل أيضاً لعدم اعتبار العصر في الماء الكثير : بما رُوي عن الإمام الصادق ع: ( من أنَّ هذا - مشيراً به إلى ماء ، في طريقه فيه العذرة والجِيَف - لا يصيب شيئاً إلّا طهّره ...) [5]
 ولكنّها ضعيفة بالإرسال .
 وأمَّا صاحب الحدائق: فقدِ استُدل على عدم اعتباره بالغسل بالماء الكثير بما في فقه الرضوي المتقدِّم ، من أنَّه إن غُسِل في ماء جارٍ كفت المرَّة ، من غير عصر ، وإن غسل في ماء راكد فمرتان ، بعدهما عصر واحد .
  والمراد بالراكد : ما كان أقل من الكر .
  وفيه: ما قد عرفت ، فلا حاجة للإعادة .
  ثمَّ إنَّه ينبغي التنبيه على بعض الأمور :
  الأول: بناء على وجوب العصر هل يتعدّد فيما لو تعدد الغسل ؟ . يأتي


[1] - المستدرك باب 1 من أبواب النجاسات ح 1
[2] - المستدرك 3 من أبواب النجاسات ح 2
[3] - الوسائل باب 1 من أبواب النجاسات ح 4
[4] - المستدرك باب9 من أبواب المطلق
[5] - المستدرك باب9 من أبواب المطلق