الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/01/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ العصر في غير الكثير
 قال المصنف: ( ويُستحب صبغ الدم بالمِشْق )
 المِشْقُ : هو المَغْرَة ، أي الطين الأحمر ، ويدلّ على الاستحباب الروايات المتقدِّمة ، ولكنَّها ضعيفة السند ، فالاستحباب مبنيّ على التسامح في أدلِّة السُنَن .
 قال المصنف: ( والعصر في غير الكثير )
 المعروف بين الأعلام وجوب العصر في الثوب ، ونحوه ، ممَّا يرسب فيه الماء ، وفي "شرح المفاتيح": أنَّه كذلك بين المتقدّمين والمتأخِّرين ، وفي "الحدائق" : من غير خلاف يعرف ، وفي "المعتبر" : نسبته إلى علمائنا ، وفي "جامع المقاصد" وغيره : أنَّه ممَّا لا ريب فيه .
 وعن جماعة من المتأخرين : التردد فيه ، وعن بعضهم : الجزم بالعدم
 وقد يُستدلّ لِمَن ذهب إلى وجوب العصر بعدَّة أدلَّة :
 منها: الإجماع .
 وفيه: ما عرفت ، من عدم حجّية الإجماع المنقول بخبر الواحد .
 أضف إلى ذلك: أنَّ الخِلاف في المسألة موجود بين الأعلام ، فكيف يتحقق الإجماع ؟! .
 ومنها: ما ذكره المحقِّق في "المعتبر": ( من أنَّ النجاسة ترسخ في الثوب ، فلا تزول إلَّا بالعصر ) .
 وفيه: أنَّ ما ذكره إنَّما يصحّ فيما إذا توقف إخراج عين النجاسة على العصر ، وهذا لا إشكال فيه .
 ولكنَّ إزالة عين النجاسة أو أثرها كما أنها تحصل بالعصر تحصل بغيره ، كالمباشرة باليد أوَّلًا ، وتهيئتها للزوال ، ثمّ إكثار الماء عليها حتَّى تنفصل معه بانفصاله ، من غير حاجة إلى عصر ، كما عن المصنِّف في "الذكرى" و"البيان": الاعتراف به ، حيث قال فيها : ( إنَّ انفصال الماء قد يكفي في الإزالة ، من غير افتقار إلى عصر .. )
 أضف إلى ذلك: أنَّ النجاسة قد تكون حكمية غير محتاجة إلى شيء من ذلك .
 وعليه ، فلا يصلح ما ذكروه مستنداً لإيجاب العصر على وجه العموم .
 ومنها: ما ذكره جماعة من الأعلام ، منهم المحقَّق في "المعتبر" ، والعلَّامة في "المنتهى" : من دخول العصر في مفهوم الغسل ، وفي "البحار": نِسْبَته إلى فهم الأكثر ، قال في "المعتبر" : ( وبأنَّ الغسل إنَّما يتحقَّق في الثوب ونحوه بالعصر ، وبدونه يكون صبّاً لا غسلًا ... )
 وفيه: ما ذكره جماعة من الأعلام ، منهم أصحاب المدراك والجواهر والحدائق والمحقّق الهمداني ، والسيد محسن الحكيم: من عدم دخول العصر في مفهوم الغسل لغةً وعرفاً ، بل الظاهر تحقّقه بالصبّ المشتمل على الاستيلاء ، والجريان ، والانفصال ، سواء عصر أم لا ، بل قد يتحقّق بدون الانفصال ، كما سيأتي وجهه إن شاء الله تعالى وممَّا يُؤكِّد عدم اشتراط العصر في تحقّق مفهومه هو صدق الغسل ، فيما لا يمكن فيه العصر .
 ومنها: مقابلة الغسل للصبِّ في بعض الأخبار الآتية ، فإنَّه لا مائز بينهما إلّا العصر .
 وفيه: أنَّ الغَسْل عبارة عمَّا يحصل به الجريان والتقاطر في ثوب كان ، أو بدن ، أو غيرهما .
 وأما الصبّ فهو عبارة عن وصول الماء خاصّة ، من غير جريان ولا انفصال ، ويسمَّى بالرشّ أيضاً .
 ومنها: ما ذكره جماعة من الألعام ، منهم العلَّامة في "المنتهى" : بأنَّ الماء ينجس بملاقاة الثوب ، فتجب إزالته بقدر الإمكان .
 وفيه: ما ذكرناه سابقاً ، من عدم نجاسة الماء مع وروده على النجاسة ، أو ورود المتنجّس عليه ، إذا كان حال التطهير .
  ثمّ لو سلّمنا : تحقّق النجاسة ، لكنّ اللازم من ذلك الاكتفاء بما يحصل به الإزالة ، وإن كان بمجرد الجفاف ، فلا يتعيّن العصر .
  وما قيل : من أنَّا نظنّ انفصال أجزاء النجاسة مع الماء بالعصر ، بخلاف الجفاف المجرد - كما عن المصنِّف في "الذكرى" - فدعوى مجردة عن الدليل .