الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ الدم
كان الكلام في الطوائف من الروايات الواردة في نجاسة الميتة
الطائفة الثانية: أخبار الدهن والزيت ، وهي كثيرة جدًّا ، فيها الصحيح ، والحسن ، وغيرها ، وهي وإن ورد أغلبها في موارد جزئية ، كالفأرة ، والجرذ ، ونحوهما ، إلَّا أنّ بعضها مطلق أو عام
منها: رواية جابر عن أبي جعفر ع قال:
( أتاه رجل، فقال وقعت فأرة في خابية ، فيها سمن أو زيت ، فما ترى في أكله ؟ ، قال : فقال له أبو جعفر ع : لا تأكله ، فقال له الرجل : الفأرة أهون علي من أن أترك طعامي من أجلها ! ، قال : فقال له أبو جعفر ع : إنّك لم تستخفّ بالفأرة ، وإنّما استخففت بدينك ، إنّ الله حرّم الميتة من كلّ شيء )
[1]
.
والمراد بلفظ التحريم هنا النجاسة ، ومورد السؤال وإن كان وقوع الفأرة في الخابية إلّا أنّ المذكور في التعليل مطلق الميتة ، ولكنّ الرواية ضعيفة ، لأنّ عمرو بن شَمِر الذي يروي عن جابر الجعفي ضعيف ، قال عنه النجاشي: ( ضعيف جدًّا ، زيد أحاديث في كتب جابر الجعفي ) .
الطائفة الثالثة: ما ورد في الماء تكون فيه الفأرة الميتة أو الجرذ يموت في الإناء ، ونحو ذلك ، وهي كثيرة ، ورد كثير منها في موارد خاصّة ، إلّا أنّ بعضها مطلق
منها: صحيحة شهاب بن عبد ربّه قال:
( أتيت أبا عبد الله أسأله فابتدأني ، فقال : إن شئت فسلْ يا شهاب ، وإن شئت أخبرناك بما جئت له ، قلت : أخبرني ، قال : جئت تسألني عن الغدير يكون في جانبه الجيفة أتوضّأ منه أو لا ، قال : نعم ، قال : توضّأ من الجانب الآخر ، إلّا أن يغلب الماء الريح فينتن )
[2]
والجيفة هي الميتة ، وهي مطلقة .
ومنها: مرسلة الصدوق قال:
( سئل الصادق ع عن الماء الساكن يكون فيه الجيفة ، قال : يتوضّأ من الجانب الآخر ، ولا يتوضّأ من جانب الجيفة )
[3]
وهي ضعيفة بالإرسال .
الطائفة الرابعة: ما ورد في أهل الكتاب ، ففي صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما قال:
( سألته عن آنية أهل الكتاب ، فقال : لا تأكل في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيه الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير )
[4]
ولفظ الميتة مطلق .
الطائفة الخامسة: ما ورد في موثّقة حفص بن غياث عن جعفر بن محمّد عن أبيه ع قال:
( لا يفسد الماء ، إلّا ما كانت له نفس سائلة )
[5]
.
وهذه من أقوى الأدلّة على نجاسة مطلق الميتة ، لأنّ دلالتها على نجاسة مطلق الميتة بالحصر ، وهو من أقوى الظهورات التي عثرنا عليها في الأبواب الفقهية ، من كتاب الطهارة إلى كتاب الديات .
الطائفة السادسة: ما ورد فيما لا تحله الحياة المأخوذ من الميتة لحسنة حريز قال : قال أبو عبد الله ع لزرارة ومحمد بن مسلم:
( اللبن ، واللباء ، والبيضة ، والشعر ، والصوف ، والقرن ، والناب ، والحافر ، وكلّ شيء يُفصل من الشاة ، والدابة ، فهو ذكي ، وإن أخذته منه ، بعد أن يموت ، فاغسله وصلّ فيه )
[6]
.
الطائفة السابعة: ما ورد في عدم طهارة جلد الميتة بالدباغ ، وهي كثيرة :
منها: المرسل عن دعائم الإسلام عن الصادق ع عن آبائه ﭺ عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
( الميتة نجسة وإن دبغت )
[7]
.
ولكنّه ضعيف بالإرسال ، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الدالة على النجاسة ، واحتمال المناقشة في بعض الأخبار المتقدّمة من حيث قصور السند ، أو الدلالة ، أو هما معًا ، لا يلتفت إليه ، بعدما كان كثير منها دالًا على المطلب ، بل لعلّه لا يوجد في غيرها من النجاسات من الأدلّة ما وجد للميتة ، من حيث الكثرة جدًّا ، الواردة في موارد خاصّة ، يستفاد منها على نحو الجزم نجاسة كلّ ميتة ذي نفس سائلة .
ومن الغريب بعد كلّ هذا ما حُكي عن صاحب المعالم من انحصار الدليل على عموم نجاسة الميتة بمعقد الإجماع المنقول ، لقصور الأخبار الواردة في الميتة عن إثبات نجاستها إلّا في الموارد الجزئية .
وأغرب منه تشكيك صاحب المدارك في أصل الحكم بنجاسة الميتة ، لتوهمه : انحصار الدليل على النجاسة بالإجماع ، وهذا الإجماع مغدوش ، لاستظهاره مخالفة الشيخ الصدوق للمجمعين
قال صاحب المدارك : ( فالروايات متظافرة بتحريم الصلاة في جلد الميتة ، بل الانتفاع به مطلقًا ، وأما نجاسته فلم أقف فيها على نص يعتدّ به ، مع أنّ ابن بابويه روى في أوائل كتابه "من لا يحضره الفقيه " مرسلًا عن الصادق «أنّه سئِل عن جلود الميتة يُجعل فيها اللبن ، والسمن ، والماء ، ما ترى فيه ؟ ، فقال : لا بأس بأن تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن ، وتتوضّأ منه وتشرب ، ولكن لا تصلّ فيه» ، وذكر قبل ذلك من غير فصل يعتدّ به أنّه لا يقصد في كتابه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما روَوه ، قال : «بل إنّما قصدت إلى إيراد ما أفتى به ، وأحكم بصحته ، وأعتقد فيه أنّه حجّة فيما بيني وبين ربي تقدّس ذكره وتعالت قدرته» ، والمسألة قوية الإشكال ) .
[1]
- الوسائل باب5 من أبواب الماء المضاف ح2
[2]
- الوسائل باب9 من أبواب الماء المطلق ح11
[3]
- الوسائل باب9 من أبواب الماء المطلق ح9
[4]
- الوسائل باب54 من أبواب الأطعمة والأشربة المحرمة ح6
[5]
- الوسائل باب35 من أبواب النجاسات ح2
[6]
- الوسائل باب33 من أبواب الأطعمة والأشربة المحرمة ح3
[7]
- المستدرك باب38 من أبواب النجاسات ح6