الفقه \ كتاب الطهارة \ الماء النجس\ استعماله في الطهارة\الصلاة به
كان الكلام فيما لو توضأ بالماء النجس فصلى قلنا عندنا ثلاث احوال وكنا نتكلم في صحيحة ابن مهزيار
ثمّ إنّه قد يُقال: إنّ هذه الصحيحة لا يصحّ الاستدلال بها ، لما فيها من الاضطراب ، لأنّ الحكم بالإعادة في الوقت صريح من حيث الخلل من جهة الوضوء ، وأمّا خارج الوقت فهي ظاهرة في أنّ عدم الإعادة من جهة نجاسة الثوب ، لا من جهة الخلل في الوضوء .
اللهم أن يُقال: إن المراد هكذا : وأمّا ما فات وقتها فلا إعادة عليك من جهة نجاسة الثوب ، ولكن عليك الإعادة لأجل أنّك صلّيت من غير وضوء ، ويؤيّده التعليل الوارد في الذيل ، لأنّ الثوب خلاف الجسد ، أي إنّ النجاسة الخبثيّة في الثوب غير النجاسة الحدثيّة في الجسد .
ولكن مع ذلك فإنّ هذه الصحيحة لا تخلو من إشكال من حيث الدلالة ، إذ قد يُقال : بصحة وضوئه بناء
على عدم نجاسة الماء القليل بالملاقاة للمتنجس كما اخترناه سابقا ، وبناء أيضا على أنّ طهارة المحل ليست شرطًا في صحة الوضوء ، وقد يُقال : بصحته أيضًا باعتبار أنّ الماء بوروده يُزيل الخبث والحدث معًا .
وعليه: فالحكم بالإعادة لم يتضح وجهه .
والخلاصة: أنّ هذه الصحيحة يُشكل الاعتماد عليها في الحكم ، لاضطراب متنها .
وقد استدل المصنّف في "الذكرى" على وجوب الإعادة في الوقت وخارجه مطلقا - أي سواء كان ذلك عن علم أو جهل أو نسيان - بقوله : ( يحرم استعمال الماء النجس ، والمشتبه به في الطهارة مطلقًا ، لعدم التقرّب بالنجاسة ، فيعيدها مطلقًا ، وما صلّاه ، ولو خرج الوقت ، لبقاء الحدث ... )
وعلّل مرجع كلامه إلى النهي عن التوضّؤ بالنجاسة ، والنهي يدلّ على الفساد ، إذ لا تقرّب بالنجاسة .
وفيه: أنّه يكفيه أن يقول : إنّ الوضوء بالماء النجس لا يرفع الحدث فلا يكون مجزيًا ، وتكون الصلاة مع هذا الوضوء فاسدة ، فلا بدّ من إعادتها .
أقول: الصحيح أن يٌستدل على وجوب الإعادة في الوقت وخارجه مطلقًا - أي في صورة الجهل والعلم والنسيان - بأمرين :
الأمر الأوّل: الروايات المستفيضة الدالة على أنّه لا صلاة إلا بطهور :
منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر قال :
( لا صلاة إلا بطهور )
[1]
وهي مطلقة يستفاد منها أن الطهور ، أي الطهارة الحدثية شرط واقعي .
ومنها: الروايات المستفيضة أيضًا الدالة على أنّ من صلّى بغير طهور فليقضها .
ومنها: صحيح زرارة عن أبي جعفر:
( أنّه سئِل عن رجل صلّى بغير طهور ، أو نسي صلوات لم يصلّها ، أو نام عنها ، قال : يقضها ، إذا ذكرها ، في أي ساعة ذكرها ، من ليل أو نهار )
[2]
.
ومنها : حسنة زرارة عن أبي جعفر قال:
( إذا نسيت الصلاة ، أو صلّيتها بغير وضوء ، وكان عليك قضاء صلوات ، فابدأ بأوّلهن ، فأذّن لها ، وأقم ، ثم صلّها ، ثم صلّ ما بعده بإقامة إقامة لكل صلاة )
[3]
.
[1]
- الوسائل باب1 من أبواب الوضوء ح1
[2]
- الوسائل باب1 من أبواب قضاء الصلوات ح1
[3]
- الوسائل باب1 من أبواب قضاء الصلوات ح4