الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/06/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ الفأرة\ كراهة سؤرها
 كان الكلام في أدلة نجاسة سؤر ما لا يؤكل لحمه من حيوان الحضر من غير الطير ، ممّا يمكن التحرّز منه .
 ثمّ إنّه مع قطع النظر عمّا ذكرناه من الإشكالات فإنّ هذه الروايات معارضة ببعض الروايات الأُخر :
 منها: صحيحة أبي العباس البقباق قال: ( سألت أبا عبد الله عن فضل الهرّة ، والشاة والبقرة ، والإبل ، والحمار ، والخيل ، والبغل ، والوحش ، والسباع ، فلم أترك شيئا إلّا سألته عنه ، فقال : لا بأس به حتّى
 انتهيت إلى الكلب ، فقال : رجس نجس ، لا تتوضأ بفضله ، واصبب ذلك الماء ، واغسله بالتراب أوّل مرّة ، ثمّ بالماء ) [1]
 ويُستفاد من هذه الصحيحة أنّ علّة ثبوت البأس في الكلب هي النجاسة ، لا كونه ممّا لا يُؤكل لحمه .
 ومنها: رواية معاوية بن شريح قال: ( سأل عذافر أبا عبد الله ، وأنا عنده عن سؤر السنّور ، والشاة ، والبقرة ، والبعير ، والحمار ، والفرس ، والبغل ، والسباع ، يشرب منه ، أو يتوضأ منه ؟ ، فقال : نعم اشرب منه ، وتوضّأ منه ، قال : قلت له : الكلب ، قال : لا ، قلت : أليس هو سبع ، قال : لا والله ، إنّه نجس ، لا والله ، إنّه نجس ) [2]
 ولكنّه ضعيف بعدم وثاقة معاوية بن شُريح ، ورواه الشيخ أيضًا بسند آخر عن معاوية بن ميسرة عن أبي عبد الله ، ولكنّه أيضًا ضعيف ، لعدم وثاقة معاوية بن ميسرة ، ودلالتها كالصحيحة السابقة .
 والخلاصة : أنّه لا إشكال في طهارة سؤر طاهر العين .
  وأمّا كراهة سؤر ما لا يُؤكل لحمه فقد استُدل لها بمفهوم موثّقة عمّار ، وصحيحة ابن سنان المتقدمَين ، وقد عرفت أنّه لا مفهوم لهما ، كما استُدل بمرسلة الوشّا المتقدّمة أيضا ، قود عرفت أنها ضعيفة بالإرسال .
  وعليه: فلا دليل على كراهة سؤر كل ما لا يُؤكل لحمه ، والله العالم .
 قال المصنف:

( ومنه الفأرة )

 المشهور بين الأعلام كراهة سؤر الفأرة منهم المصنّف هنا ، وفي "الذكرى" ، واختلف كلام الشيخ ، ففي بعض المواضع من "النهاية" ، و"المبسوط" ، وجوب غسل ما تلاقيه برطوبة ، وفي البعض الآخر منهما التصريح بخلاف ذلك .
  ومهما يكن فقد استُدل على طهارة سؤرها بالأخبار العامة المتقدّمة ، وببعض الأخبار الخاصة :
 منها: صحيحة سعيد الأعرج قال: ( سألت أبا عبد الله عن الفأرة تقع في السمن ، والزيت ، ثمّ تخرج منه حيّا ، فقال : لا بأس بأكله ) [3]
 وفي نسخة الكليني زيادة ( سألت أبا عبد الله عن الفأرة ، والكلب ... ) .
 ومنها: صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر حيث ورد في الذيل ( وسألته عن فأرة وقعت في حُبّ دهن ، وأخرجت قبل أن تموت أيبيعه من مسلم ؟، قال : نعم ، ويُدهن منه ) [4] .
  لا يُقال: إنّ البيع والأدهان لا يستلزمان الحليّة والطهارة ، إذ قد يُستعمل بعد البيع في الاستصباح ، كما أنّه يُغسل بدنه بعد الإدهان .
 فإنّه يُقال: إنّ الحكم بجواز البيع مطلقًا ، من دون تفصيل القول فيه بأنّ البيع لأجل أي شيء ، وعدم الأمر بوجوب الإعلام للمشتري بالحال ، وكذا الحكم بجواز الإدهان من دون الإعلام بأنّه لا بدّ من تطهير البدن بعده ، كلّ ذلك يدلّ على الحليّة ، والطهارة ، وإلّا كان ينبغي التنبيه على ذلك ، إلى غير ذلك من الأخبار الخاصة .


[1] - الوسائل باب1 من أبواب الأسآر ح4
[2] - الوسائل باب1 من أبواب الأسآر ح6
[3] - الوسائل باب5 من أبواب الأطعمة المحرمة ح1 .
[4] - الوسائل باب9 من أبواب الأسآر ح1