الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء المضاف \ أدلة السيد المرتضى
 ومنها: قوله تعالى : { وثيابك فطهّر } حيث إنّ الله - سبحانه وتعالى - أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بتطهير الثوب ، ولم يفصّل بين الماء وغيره .
 وفيه: إن كان المراد من التطهير هو المعنى اللغوي ، وهو إزالة القذارة عن الثوب ، فالآية خارجة عن محلّ الاستدلال ، وإن كان المراد منه التطهير الشرعي فهي مجملة ، لأنّها أمرَت بتطهير الثوب ، ولا دلالة فيها ، على أنّ الطهارة بأيّ شيء تحصل ؟ ، هل تحصل بالماء أو الأعم منه ومن المضاف وكل مايع ؟ .
  أضف إلى ذلك أنّ الآية الشريفة فُسّرت في الأخبار بمعنى آخر
  ففي حسنة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ( في قول الله - تبارك وتعالى - : "وثيابك فطهّر" ، قال : فشمر ) [1]
 وفي خبر معلّى بن خُنيس عن أبي عبد الله - حيث ورد في الذيل "وثيابك فطهر" - قال : ( وثيابك ارفعها ، ولا تجرّها ، وإذا قام قائمنا كان هذا اللباس ) [2]
 ولكنّه ضعيف بالمعلّى بن خُنيس ، وبعدم وثاقة معلّى بن محمّد ،
 وفي خبر عبد الرحمان بن عثمان عن رجل من أهل اليمامة كان مع أبي الحسن أيام حبس بغداد ، قال : ( قال لي أبو الحسن : إنّ الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم : وثيابك فطهّر وكانت ثيابه طاهرة ، وإنّما أمره بالتشمير ) [3]
 وهو ضعيف أيضًا بالإرسال ، وبجهالة عبد الرحمان بن عثمان .
  وفي "مجمع البيان" مرسلتان :
 الأولى: عن الصادق ، قال : ( وقيل : معناه : وثيابك فقصّر ، عن طاووس ، وروي ذلك عن عبد الله عليه السلام ) [4] .
  والثانية : عن أبي بصير عن الصادق عن أمير المؤمنين ( حيث ورد في الذيل وقد قال الله سبحانه : وثيابك فطهّر ، أي ) [5]
 ولكنّهما ضعيفتان بالإرسال .
 وفي تفسير علي بن إبراهيم "وثيابك فطهر" ، قال: ( تطهيرها تقصيرها ) [6]
 وهذا تفسير من علي بن إبراهيم ، وليست رواية عن أهل البيت ، وعلى فرض كونها رواية فهي مرسلة ضعيفة
  وأمّا ما ذهب إليه بن أبي عقيل من جواز الغسل بالمضاف عند الاضطرار فلا دليل عليه .
 والخلاصة إلى هنا: أنّ ما ذهب إليه المشهور هو الصحيح .
 بقي الكلام: فيما ذهب إليه المحدّث الكاشاني حيث قال في كتاب "المفاتيح" : ( يشترط في الإزالة إطلاق الماء على المشهور خلافًا للسيّد والمفيد ، وجوّزا بالمضاف ، بل جوّز السيّد تطهير الأجسام الصقيلة بالمسح ، بحيث تزول العين لزوال العلة ، ولا يخلو من قوة ، إذ غاية ما يستفاد من الشرع وجوب اجتناب أعيان النجاسات . أمّا وجوب غسلها بالماء عن كلّ جسم فلا ، فكلّ ما علم زوال النجاسة عنه قطعًا حكم بتطهيره ، إلّا ما خرج بدليل ، حيث اقتضى فيه اشتراط الماء ، كالثوب والبدن ، ومن هنا يظهر طهارة البواطن كلها بزوال العين مضافا إلى نفي الحرج ، ويدلّ عليه الموثّق ، وكذا أعضاء الحيوان المتنجّسة غير الآدمي كما يستفاد من الصحاح) .
  وفيه: أن ّكلامه لا يخلو من أحد أمرين :
  إمّا يريد أنّ مثل الأجسام الصقيلة لا تنجُس بملاقاة النجاسة ، ولو مع الرطوبة ، كما يظهر من تعليله .
  وإمّا أن يريد أنّها - أي الأجسام - تنجُس ولكن لا يجب الغسل ، لعدم الدليل ، وما دلّ على وجوب اجتناب أعيان النجاسة لا يقتضيه .
  فإن أراد الأوّل فهو خلاف المتسالم عليه بين كلّ الأعلام قديمًا وحديثًا ، حتّى باقي المذاهب الإسلامية ، مضافًا إلى أنّه خلاف الروايات الواردة عن أهل البيت ﭺ ، وهي كثيرة جدًّا ، فيها الصحيح ، والموثق ، والضعيف ، نكتفي بذكر بعضها :
  منها: موثّقة عمّار الساباطي أنّه سأل أبا عبد الله عن رجل يجد في إنائه فأرة ، وقد توضّأ من ذلك الإناء مرارًا ، أو اغتسل منه ، أو غسل ثيابه ، وقد كانت الفأرة متسلّخة ، فقال: ( إن كان رآها في الإناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ )


[1] - الكافي باب6 من أبواب تشمير الثياب ح1 .
[2] - الكافي باب6 من أبواب تشمير الثياب ح2 .
[3] - الكافي باب6 من أبواب تشمير الثياب ح4 .
[4] - مجمع البيان 5/385 .
[5] - مجمع البيان 5/385 .
[6] - تفسير علي بن إبراهيم 2/393 .