الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/03/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء البئر\ موت العقرب وبول الرضيع
 كان الكلام بالنسبة للوزغة والعقرب وذكرنا بعض الروايات وقلنا أن الإنصاف لا موجب للنزح فالروايات الواردة في النزح تحمل على الاستحباب وهناك بعض الأخبار أيضا تحمل على الاستحباب
 منها: خبر أبي بصير عن أبي عبد الله حيث ورد في ذيله ( وكلّ شيء وقع في البئر ليس له دم مثل العقرب ، والخنافس ، وأشباه ذلك ، فلا بأس ) [1]
 ولكنه ضعيف لتردد ابن سنان الواقع في السند بين محمد الضعيف، وعبد الله الثقة.
  ومنها: خبر جابر بن يزيد الجعفي قال: ( سألت أبا جعفر عن "السام أبرص" يقع في البئر ، فقال : ليس بشيء ، حرّك الماء بالدلو في البئر ) [2]
 ولكنّه ضعيف لأنّ في طريق الشيخ إلى جابرِ الجعفي المفضلَ بن صالح ، وهو ضعيف ، ورواه الكُليني أيضًا ، لكنّه ضعيف أيضًا بعَمرو بن شَمِر ، فإنّه مجهول ، ورواه الصدوق ، بإسناده عن جابر بن يزيد ، ولكنّه ضعيف أيضًا بعَمرو بن شَمِر .
  وفي بعض الأخبار أنّه ينزح للعقرب عشرة دِلاء، كما في خبر مِنهال قال: ( قلت لأبي عبد الله : العقرب تُخرج من البئر مَيتة، قال: استقِ منها عشرة دلاء، قال : قلت : فغيرها من الجيف ، قال : الجيف كلها سواء ، إلّا جيفة قد أجيفت ، فإن كانت جيفة قد أجيفت ، فاستقِ منها مائة دلو ، فإن غلب عليها الريح ، بعد مائة دلو ، فانزحها كلها ) [3]
 ولكنّه ضعيف ، بجهالة مِنهال ، ولولا ضعف السند لحُمل على الاستحباب ، والله العالم .
 قال المصنف:

( ودلو لبول الرضيع، وللعصفور، ولو تغيرت البئر نزحت فإن غلب الماء اعتبر أكثر الأمرين من زوال التغير والمقدر وقيل بالترواح مع الأغلبية كما في كل موضع يجب نزحها )

 أما بول الرضيع
 فكما هو المشهور بين الأعلام ، وعن أبي الصلاح ، وابن زهرة ، ثلاث دلاء ، وفسّر المحقق في "الشرائع" ، والشهيد الثاني في جملة من كتبه ، الرضيعَ بما كان ضمن الحولين ، وفسّره في "المعتبر" بمن لم يأكلِ الطعام .
  ومهما يكن ، فقد استدل للمشهور بخبر علي بن أبي حمزة المتقدّم عن أبي عبد الله ( قال: سألته عن بول الصبي الفطيم ، يقع في البئر ، فقال : دلو واحد) [4]
 ووجه الاستدلال به أنّه إذا اكتُفي في بول الفطيم بدلو واحد ، فالرضيع أولى .
  وفيه:
 أوّلًا: أنّه ضعيف بعلي بن أبي حمزة البطائني ، كما تقدّم .
 وثانيا: أنّ منطوقها غير معمول به عند الأعلام ، إذ لم أرَ مَن أفتى بنزح دلو واحد للصبي غير الرضيع ، والمشهور بينهم أنّه يُنزح له سبع دلاء ، كما تقدّم .
  وأمّا ما ذهب إليه أبو الصلاح مِن نزْح الثلاث ، فقد يُستدل له بصحيحة ابن بزيع المتقدّمة ، المتضمنة لنزح الدلاء لقَطرات البول ، ووجه الاستدلال بها أنّها مطلقة تشمل بول الرضيع ، وأقلّ الدلاء ثلاثة .
  وفيه:
 أولا: ما ذكرناه من أنّ الدِلاء جمع كثرة ، لا جمع قلة .
 وثانيًا: أنّها متضمنة لقَطرات البول ، ولا تشمل بول الرضيع الكثير ، نعم يمكن القول بنزح سبع دِلاء لبول الرضيع ، وذلك لصحيحة منصور بن حازم المتقدّمة عن أبي عبد الله قال: ( يُنزح منه سبع دلاء إذا بال فيه الصبي) [5]
  والصبي بإطلاقه يشمل الرضيع ، والله العالم .
 وأما العصفور
 ينزح دلو كما هو المشهور بين الأعلام ، بل عن الغنية الإجماع عليه ، وقد استُدل له بموثقة عمار المتقدّمة حيث ورد في الذيل ( وأقلّه العصفور ، ينزح منها دلو واحد) [6] .
 وأمّا ما ورد في صحيحة الحلبي المتقدّمة عن أبي عبد الله قال: ( إذا سقط في البئر شيء صغير ، فمات فيها ، فانزح منها دلاء ) [7]
 باعتبار أنّ الشيء الصغير يشمل العصفور ، فلا ينافي ما قلناه ، لأنّ موثقة عمّار مقيِّدة لها ، وكذا تقيّد الروايات المتقدمة الواردة في مطلق الطير ، والتي يُنزح لها خمس دلاء ، أو سبع ، تقيّدها بغير العصفور ، والله العالم .
 وأما تغير البئر
 فلا يخفى أنّه على القول بطهارة البئر بالملاقاة ، وعدم نجاستها ، إلّا بالتغير ، يكون تطهيرها كتطهير الجاري ، مع زيادة هنا ، وهي أنّ البئر تطهّر بالنزح حتى يزول التغيّر ،كما في صحيحة ابن بزيع المتقدّمة .
  وأما الأخبار الدّالة على نزح الجميع ، والتي سنذكرها - إن شاء الله تعالى - فهي محمولة على الاستحباب ، مضافا لضعف سند بعضها ، وأمّا من ذهب إلى نجاسة البئر بالملاقاة فهناك أقوال متعددة نقتصر على أهمها ،وهما قولان:
 القول الأوَّل: يُنزح حتى يزول التغيّر ـ، وهو مُختار أبي الصلاح ، والمصنف في "البيان" ونُسب إلى الشيخ ، واختاره العلّامة في "المنتهى"
  ويدل عليه عدة من الأخبار :
  منها: موثقة سماعة المتقدّمة ، حيث ورد في ذيلها ( وإن أنتن ، حتى يوجد الريح النتن في الماء ، نزحت البئر حتى يذهب النتن من الماء ) [8] .
  ومنها: صحيحة زيد الشحّام المتقدّمة أيضًا حيث ورد في ذيلها ( وإن تغيّر الماء فخذ منه حتى ذهب الريح ) [9] .
  ومنها: رواية أبي بصير المتقدّمة أيضًا ، حيث ورد فيها ( أما الفأرة ، وأشباهها ، فيُنزح منها سبع دلاء ، إلّا أن يتغير الماء فينزح حتى يطيب) [10]
 ولكنّها ضعيفة لتردد ابن سنان بين محمد الضعيف ، وعبد الله الثقة .
  ومنها: رواية زرارة المتقدّمة أيضًا ، حيث ورد في الذيل ( فإن غلب الريح نُزحت حتى تطيب ) [11] وهي ضعيفة بجهالة بشير ، ونوح بن شعيب الخُراساني ، وإن لم يتعين كونه الخراساني ، فيكون مردّدًا بينه ، وبين البغدادي الثقة ، فيكون مجهولًا أيضًا .
 
 
 


[1] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 11
[2] - الوسائل باب 19 من أبواب الماء المطلق ح 8
[3] - الوسائل باب 22 من أبواب الماء المطلق ح 7
[4] - الوسائل باب 16 من أبواب الماء المطلق ح 2
[5] - الوسائل باب 16 من أبواب الماء المطلق ح 1
[6] - الوسائل باب 21 من أبواب الماء المطلق ح 2
[7] - الوسائل باب 15 من أبواب الماء المطلق ح 6
[8] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 4
[9] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 7
[10] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 11
[11] - الوسائل باب 15 من أبواب الماء المطلق ح 3