الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/02/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء البئر\ بول الرجل
 قال المصنف:

( وبول الرجل )
 قال المصنّف في "الذكرى": ( أربعون لبول الرجل في المشهور .. إلخ ) ، وفي "الغنية" الإجماع عليه ، وادّعى ابن إدريس تواتر الأخبار عنهم - عليهم السلام - بالأربعين لبول الإنسان .
 

أقول: أمّا دعوى الإجماع فقد عرفت أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد غير حجة، وأمّا دعوى تواتر الأخبار بالأربعين لبول الإنسان ففي غير محلها.
  والموجود في المقام رواية واحدة تدل على الأربعين لبول الرجل ، وهي رواية علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: ( سألته عن بول الصبي الفطيم يقع في البئر ، فقال دلو واحد ، قلت : بول الرجل ؟ ، قال : يٌنزح منها أربعون دلوًا ) [1]
 ولكنّها ضعيفة بعلي بن أبي حمزة البطائني ، وقال العلّامة في "المنتهى" : ( علي بن أبي حمزة لا يعوَّل على روايته ، غير أنّ الأصحاب قبلوها ، وذكر المحقّق في المعتبر أنّه اشتهر العمل بهذه الرواية ، ثمَّ قال : لا يقال : علي بن أبي حمزة واقفي ، لأنَّا نقول : تغيّره إنّما هو في زمن موسى - عليه السلام - ، فلا يقدح فيما قبله ، على أنّ هذا الوهن لو كان حاصلا وقت الأخذ عنه لانجبرت بعمل الأصحاب وفتواهم بها ) [2] .
 ويرد عليه
  أوَّلًا: أنّ الاعتبار بعدالة الراوي ، ووثاقته ، حال الأداء ، لا حال التحمّل ، وكيف يُحرز أنّه أدّاها وروَاها وقت الاستقامة بمجرد إسنادها إلى الإمام الصادق - عليه السلام - ؟! ، نعم يُحتمل ذلك ، إلّا أنّ مجرد الاحتمال ، أو الظنّ لا يكفي .
 وثانيًا: أنّك قد عرفت أنّ عمل المشهور لا يجبر ضعيف الرواية .
 والإنصاف أنّه يُنزح لبول الرجل جميع الماء ، لصحيحة معاوية بن عمار المتقدمة عن الصادق - عليه السلام - ( في البئر يبول فيها الصبي ، أو يصبّ فيها بول ، أو خمر ، فقال : يُنزح الماء كله ) [3] .
  ويُنزح دلاء لقطرات من البول ، وذلك لصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع ، المتقدمة أيضا ( عن البئر تكون في المنزل للوضؤ ، فيقطُر فيها قطرات من بول ، أو دم - إلى أن قال : - فوقّع - عليه السلام - بخطه في كتابي : يُنزح دلاء منها ) [4] .
  وأمَّا

رواية كردويه قال: ( سألت أبا الحسن - عليه السلام - عن البئر يقع فيها قطرة دم ، أو نبيذ مسكر ، أو بول ، أو خمر ، قال : نزح منها ثلاثون دلوًا ) [5] ، فلا يمكن

العمل بها ، لا لأنّ الأصحاب أعرضوا عنها ، بل لضعفها ، بجهالة كردويه ، والله العالم .
 وقال المصنف:

( وثلاثين لماء المطر المخالط للبول ، والعذرة وخرؤ الكلب )
 كما في رواية كردويه المتقدمة قال : ( سألت أبا الحسن - عليه السلام - عن بئر يدخلها ماء المطر فيه البول ، والعذرة ، وأبوال الدواب ، وأرواثها ، وخرؤ الكلاب ، قال : يُنزح منها ثلاثون دلوًا، وإن كانت مبخرة ) [6] وهي ضعيفة لجهالة كردويه ، وعمل المشهور بها لا يجبرها ، كما عرفت .
  أضف

إلى ذلك أنّها ظاهرة في الاكتفاء بالثلاثين ، حتى وإن كان النتن باقيًا ،مع أنّه مناف للروايات الكثيرة الدالة على وجوب النزح حتى يذهب النتن ، وذكر الشيخ الصدوق - رحمه الله - مكان ماء المطر ماء الطريق ، وقال المصنّف في "الذكرى" : ( لا يشترط في ماء المطر اجتماع ما ذكر ، فيتعلق الحكم ببعضه احتياطا ، ولو انضمّ إليه نجاسة أخرى أمكن المساواة للمبالغة في "وإن كانت مبخرة " )(1) .
 

والإنصاف بناء على صحة الرواية ، وبناء على القول بالنجاسة ، هو الاقتصار على موردها ، والله العالم .
 قال المصنف:

( وقطرة نبيذ مسكر في رواية كردويه، وعشرين لِقطْرة الخمر عند الصدوق ، وللدم ، ولحم الخنزير في رواية زرارة، ولغاية الدم عند المرتضى ، والمبدأ دلو وعشر ليابس العذرة ، وقليل الدم ، وتسع أو عشر للشاة عند الصدوق )
 أما رواية كردوية فقد ذكرنا هذه الرواية سابقًا ، ( قال سألت أبا الحسن - عليه السلام - عن البئر يقع فيها قطرة دم ، أو نبيذ ، أو مسكر ، أو بول ، أو خمر ، قال : ينزح منها ثلاثون دلوًا ) ، وهي ضعيفة بجهالة كردويه ، وبيّنا سابقًا ما هو الصحيح في المسألة ، فراجع .
 وأما رواية زرارة قد عرفت أنّ الرواية ضعيفة السند ، وقد تقدم ما له نفع في المقام .
 وأما يابس العذرة والشاة تقدمت هذه الأمور بالتفصيل فراجع .


[1] - الوسائل باب 16 من أبواب الماء المطلق ح 2
[2] - المعتبر " المحقق الحلي" ج 1 ص 68
[3] - الوسائل باب 15 من أبواب الماء المطلق ح 4
[4] - الوسائل باب 14 من أبواب الماء المطلق ح 21
[5] - الوسائل باب 15 من أبواب الماء المطلق ح 2
[6] - الوسائل باب 16 من أبواب الماء المطلق ح 2