الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/02/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء البئر\ وقوع العذرة
 كان الكلام بالنسبة إذا وقعت العذرة في البئر وكانت ذائبة ينزح خمسين دلو وقلنا إن الروايتين في المسألة ضعيفتان
 ثمّ إنّه مع قطع النظر عن كلّ ما ذكرناه فلا تعارضها صحيحة علي بن جعفر - عليه السلام - المتقدمة ، حيث سأله فيها ( عن بئرِ ماء وقع فيها زبيّل من عذرة رطبة يابسة أيصلح الوضوء ، قال : لا بأس ) [1]
 وذلك لأنّ الكلام على تقدير نجاسة البئر ، أو وجوب النزح تعبّدًا ، وإن لم ينجس .
  والصحيحة الأولى قد استُدل بها على طهارة البئر ، فبناء على القول بالنجاسة
 لا بدّ من طرحها ، أو تأويلها بأن يجمع بينها ، وبين رواية أبي بصير بالحمل على التقييد لأنّها مطلقة ، ورواية أبي بصير مقيِّدة لها .
 ويبقى الكلام في رواية كردويه المتقدمة أيضًا عن أبي الحسن - عليه السلام - ( في بئر يدخلها ماء المطر فيه البول والعذرة - إلى أن قال : - يُنزح منها ثلاثون دلوًا ، وإن كانت مُبخِرة ) [2]
 
 حيث أوجب فيها نزح الثلاثين للعذرة .
  وفيه: أنّه مضافًا لضعفها سندًا بجهالة كردويه ، قد يقال : إنّ ماء المطر ، المخلوط فيها، له أثر في تحقّق النجاسة فلا يتعدّى منها إلى غيرها، والله العالم .
 قال المصنف ( والدم الكثير )
 قال المصنف في الذكرى والمعتبر بكثرة الدم وقلته بنفسها
 ونقل الرواندي أنه بحسب البئر
 وذكر ابن ادريس بالسرائر إن اقل ما يصدق عليه الكثرة دم الشاة
 نقول يجب أن نرجع إلى العرف بذلك لان العرف هو المحكم بذلك
 ثم إنما ذكره المصنف من نزح الخمسين هو المشهور وهناك أقوال أخرى في المسالة
 منها ما حكي عن الشيخ المفيد للكثير عشرة وللقلة خمسة
 منها ما عن الشيخ المرتضى من أن للدم مابين الدلو لعشرين
 وعن الصدوق ينزح من ثلاثين إلى أربعين واستحسنه جماعة من الأعلام بينهم المصنف في الذكرى
 إذا عرفت ذلك نقول:
  أما القول المشهور الخمسين ما هو الدليل عليه قالوا الدليل هو الإجماع
 أولا مع تعدد الآراء كيف ندعي الإجماع
 أما ما ذهب إليه الشيخ المفيد الدليل عليه صحيحة ابن بزيع المتقدمة و باب 14 من أبواب الماء المطلق ح 21 تكون في المنزل للوضوء من بول أو دم
 ووجه الاستدلال في هذه الصحيحة أنّ (دلاء) جمع قلّة ، وجمع القلّة أقلّه ثلاثة ، وأكثره عشرة ، بخلاف جمع الكَثرة فإنّه يدلّ على ما فوق العشرة إلى غير نهاية .
 وعليه

، فإذا كان جمع قلّة ، فأكثر عدد يضاف إلى هذا في الكثير الجمع عشرة ، فيجب أن يؤخذ ويصار إليه إذ لا دليل على ما دونها .
  وفيه

:
  أوَّلًا: أنّ ظاهر الصحيحة هو قليل الدم ، وكلامنا في الكثير منه .
 وثانيًا: أنّ (دلاء) جمع كثرة ، لأن جمع القلة له أربعة أوزان فقط ، وليس منها "فِعال " ، قال "ابن مالك" في ألفيّته : ( أفعلة أفعل ثم فعلة - ثُمّت أفعال جُمُوعُ قلّة ... إلخ ) .
  اللهمّ إلّا أن يقال : إنّه لا فرق بين جمع القلة ، والكثرة ، والجمع يصدق على ثلاثة فصاعدا ، وما ذكره النحاة من الفرق بينهما لا دليل عليه ، بشهادة العرف .
 وثالثًا: لو سلمنا أنّ (دلاء) جمع قلّة ، فإنّ مقتضى الإطلاق الاكتفاء بأقلّه ، وهو الثلاثة ، ويكون الزائد منفيّا بالأصل .
  وأمّا ما ذهب إليه السيد المرتضى فقد يُستدل له بخبر زرارة المتقدّم أيضًا ، قال: ( قلت لأبي عبد الله - عليه السلام - : بئر قطرت فيها قطرة دم ، أو خمر ، قال : الدم ، والخمر ، والميّت ولحم الخنزير ، في ذلك كلّه واحد ، يُنزح منه عشرون دلوًا ، فإن غلب الريح نُزحت حتى تطيب ) [3]
 وفيه

:
  أوَّلًا: أنّه ضعيف السند ، لما تقدم .
 وثانيًا: أنّه مشتمل على ما لا يقول به الأصحاب .
 وثالثًا: أنّه لا يدل على مدّعاه من الواحد إلى العشرين .
 وأمّا ما ذهب إليه "الصدوق" واستحسنه جماعة فيُستدل لهم بصحيحة علي بن جعفر قال: (سألته عن رجل ذبح شاة ، فاضطربت ، فوقعت في بئرِ ماء ، وأوداجها تشخُب دمًا ، هل يُتوضأ من تلك البئر ، قال : يُنزح منها ما بين الثلاثين إلى الأربعين دلوًا ، ثمّ يُتوضأ منها ، ولا بأس به - الرواية - ) [4] .
  وهذه الصحيحة ، وإن ذكرها الشيخ في التهذيب مضمرة إلّا أنّ الكليني -رحمه الله - نقلها في "الكافي" - والذي هو أضبط من "التهذيب" بكثير - عن الإمام الكاظم - عليه السلام - .
  أضف إلى ذلك أنّ الإضمار لا يضرّ هنا لأنّ علي بن جعفر أجلّ من أن يروي عن غير الإمام ، ولكنّ هذه الصحيحة ظاهرة في التخيير، وبما أنّه غير معقول بين الأقل والأكثر ، فيُحمل الأكثر على الاستحباب .
  والإنصاف هو العمل بمقتضى هذه الصحيحة ، بناء على القول بالنجاسة ، فيُنزح للدم الكثير ثلاثون دلوًا ، أو يستحب إلى الأربعين .
  نعم ، مورد الرواية دم الشاة ، فالتعدّي منه إلى بقية الدماء لا يخلو من إشكال ، والأولى إلحاق بقية الدماء بما لا نصّ فيه ، والله العالم .
 


[1] - الوسائل باب 14 من أبواب الماء المطلق ح 8
[2] - الوسائل باب 20 من أبواب الماء المطلق ح3 .
[3] - الوسائل باب 15 من أبواب الماء المطلق ح 3
[4] - الوسائل باب 21 من أبواب الماء المطلق ح 1