الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/02/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء البئر\ موت الثور والبعير
 كان الكلام في الروايات المطلقة في الدماء الثلاثة وذكرنا روايتين وبقي الثالثة
 الرواية الثالثة: فهي صحيحة إسماعيل بن بزيع المتقدمة أيضا ( قال : كتب إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا - عليه السلام - عن البئر تكون في المنزل للوضوء فيقطر منها قطرات من بول أو دم ... إلخ ) [1] .
  ودعوى الانصراف إلى ما عدا الدماء الثلاثة قد عرفت ما فيها ، كما أن الإجماع المدعى في "السرائر" و "الغنية" قد عرفت حاله، فالإنصاف حكم هذه الدماء بقية الدماء، والله العالم .
 قال المصنف: ( وموت الثور والبعير ولنجاسةٍ لا نصّ فيها على الأحوط في غير المنصوص ، وقيل أربعون ، وروي ثلاثون )

 أما الثور
 فقد ذهب إلى هذا القول جماعة كثيرة من الأعلام ، وفي الذخيرة قيل : إنه مذهب أكثر الأصحاب
 

أقول : يدل على ذلك صحيحة عبد بن سنان المتقدمة عن أبي عبد الله - عليه السلام حيث ورد فيها ( فإن مات فيها ثور ، أو صبّ فيها خمر ، نزح الماء كله ) [2] ، وحكي عن ابن إدريس أنه اكتفى في الثور بكرٍّ ، ولا دليل عليه .
  نعم

ورد في بعض الأخبار أنه ينزح لموت الدابة دلاء ، كما في صحيحة الفضلاء عن أبي عبد الله أو أبي جعفر - عليه السلام - ( في البئر تقع فيها الدابة والفأرة والكلب والخنزير والطير ، فيموت ، قال : يخرج ، ثم ينزح من البئر دلاء ، ثم اشرب منه وتوضأ ) [3]
 والدابة تشمل بإطلاقها الثور .
  وفيه

، أن هذا الإطلاق مقيّد

بالصحيحة السابقة .
 وأما البعير
  قيل البعير هو من الإبل ، بمنزلة الإنسان يشمل الذكر ، والأنثى ، والصغير ، والكبير ، ثم إنه ادعي الإجماع على نزح الجميع ، لما في "السرائر" ، و"الغنية" ، وفي "المدراك" : (والحكم بنزح الجميع في موت البعير مذهب الأصحاب ، لا أعلم فيه مخالفا ... إلخ ) .
 والانصاف أن المسألة متسالم عليها ، بحيث خرجت عن الإجماع المصطلح عليه ، ويدل عليه - مضافا إلى ذلك - صحيح الحلبي المتقدم ، حيث ورد في ذيله ( وإن مات فيها بعير أو صبّ فيها خمر فلتنزح ) [4] ، وكذا صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة ، على رواية التهذيب من زيادة "أو نحوه" ، بعد قوله - عليه السلام - : ( : ( فإن مات فيها ثور ) ، فإنّ البعير نحو الثور ، وما ورد في صحيحة الفضلاء المتقدمة ، من الحكم على الدابة الشاملة للبعير بالإطلاق ، بالنزح دلاء ، يقيّد بصحيح الحلبي المتقدم .
  وأما ما في خبر عمرو بن سعيد بن هلال قال: ( سألت أبا جعفر - عليه السلام - عما يقع في البئر ما بين الفأرة والسنور إلى الشاة فقال : كل ذلك يقول سبع دلاء قال حتى بلغت الحمار والجمل فقال : كر من ماء ...) [5]
  ففيه:

أنه ضعيف لجهالة عمرو بن سعيد بن هلال ، وأما ما ورد عن الإمام الصادق - عليه السلام - في توكيله له في بيان الحكم الشرعي فلا يمكن الاستناد إليه ، لأنه هو الراوي عن الإمام - عليه السلام - .
  وعليه: فلا يعارض ما تقدم ، وحمله الشيخ في "الاستبصار" بأنه جواب عن الحمار فقط
 والمرد بـ ( غير المنصوص ) ما لم يثبت حكمه بدليل خاص بأحد الأدلة المعتبرة ، سواء كان قولًا أو فعلًا ، نصًّا أو ظاهرًا .
 إذا عرفت ذلك ، فهناك ثلاثة أقوال في المسألة :

 الأول: نزح الجميع ، ذهب إليه كثير من الأعلام .
 

الثاني:

يجب نزح أربعين دلوًا ، اختاره "العلامة" في جملة من كتبه ، وحكاه "العلامة" في "المختلف" عن ابن حمزة ، و"الشيخ" في "المبسوط" .
  الثالث: الاكتفاء بنزح ثلاثين دلوا ، حكاه المصنف - رحمه الله - في "شرح الإرشاد" عن السيد جمال الدين بن طاووس -رحمه لله - في "البشرى" ، ونفى عنه البأس .
  أمّا القول الأول: فقد يستل له باستصحاب النجاسة ، إذا لم ينزح الجميع ، وعدم ثبوت مزيل للنجاسة سوى نزح الجميع .
  وفيه: أما الاستصحاب ، فهو معارض باستصحاب عدم الجعل ، فيتساقطان ، وبالجملة ، فإن استصحاب حكم الكلي إشكاله معروف ، وعليه فأصالة البراءة من وجوب نزح الجميع محكمة .
  وأما القول بعدم ثبوت مزيل للنجاسة إلا نزح الجميع ، فيرد عليه ما تقدم من صحيحة ابن بزيع ، الدالة على أنه إذا تغيّر نُزِح حتى يذهب التغيّر ، وهي شاملة لِما لا نصَّ فيه ، ولِما فيه نصّ ، خرج الثاني بالدليل ، وبقي الباقي ، فإذا ثبت عدم وجوب نزح الجميع في حال التغير فبدونه بطريق أولى .
  ثم لا يخفى عليك أن هذا الكلام مبني على كون الأمر بالنزح في صحيحة ابن بزيع للوجوب الشرطي ، وقد عرفت ما فيه .
  وأما القول الثاني

يأتي


[1] - الوسائل باب 14 من أبواب الأشربة المحرمة ح 21
[2] - الوسائل باب 15 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1
[3] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 5
[4] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 6
[5] - الوسائل باب 15 من أبواب الماء المطلق ح 5