درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

35/12/30

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: القول الرّابع: وهو استعمال الالفاظ في الماهيات الشرعية على لسان الشارع مجازاً، وصيرورتها حقائق فيها عند المتشرعة بعدُ،

واستُدِلّ علي هذا بأنّ كونها حقائق شرعية في لسانه(ص) يتوقّف على الوضع، وهو امّا تعييني او تعيّني، والأوّل لم يقع وإلاّ لنقل، والثاني يتوقف على الاستعمال بكثرة ولا تكفي برهة عهد الرسالة (ص) في تحقّق النقل.

فيلاحظ عليه بوجوه:
الأوّل: لاريب أنه کان بعض هذه الماهيات موجودةً في الشرايع السابقة کما جاء صريحاً «کتب عليکم الصيام کما کتب علي الذين من قبلکم»، و قد استعمل بعض تلک الالفاظ فيها، وماتزال تستعمل في الکتب السماوية والصحف المقدسة عند اهلها؛ ولعل کما يري بعض المحققين من اللغويين أنها کانت موجودة معني و لفظاً(تنظر: الجداول المبحوثة في آخر کتاب«علم اللغة التوحيدي بين النظرية والتطبيق»).
الثّاني: الاستعمال المجازي يحتاج الي مصحّح، ولايوجد في بعض الموارد المستعملة؛ لانّه ماهي المناسبة المصحّحة لاستعمال الصّلاة في العبادة المعروفة ونقلها عن معناها اللغوي اي الدعا الي معناها الشرعي مثلاً؟ وصرف اشتمال الصلاة علي الدعاء لايکفي في التصحيح.
الثّالث: قد استعمل بعض الالفاظ في ما استعمل، بلاقرينة دالّة، وهذا يدلّ علي کون الاستعمال حقيقية، کما مرّ في بعض الشواهد من الآيات سابقاً.
الرّابع: لماذا لا تكفي مدة عهد الرسالة لتحقق الوضع التعيّني، مع أنّ مؤذن المسلمين ينادي للصلاة كلّ يوم عشر مرات، علي الاقلّ، في المآذن وعلي رؤوس الأشهاد مثلاً! بل يكفي في تحقق الحقيقة الشرعية مضيّ أيامٍ معدودات.
الخامس: کيف يمکن الالتزام بالتجوز عبر السنوات المعتدة الممتدّة، علي الرغم من کثرة استعمال هذه الالفاظ جداً؟
السّادس: الوضع التعييني ايضاً لاينحصر في القولي حسب؛ لانه اما اعلامي او اعمالي، والثاني يتحقق بالاستعمال بداعي الوضع . ومن الممكن أن يتولّى النبي (ص) عملية الوضع من خلال هذا الطريق، فلما صلّى أمام قومه، فقال : «صلّوا كما رأيتموني أُصلي»، فهو بنفس ذلك الاستعمال نقل الصلاة من معناها اللغوي إلى الحقيقة الحديثة. وقد مرّ الجواب عن شبهة عدم امکان الجمع بين اللحاظين المختلفين في آن واحد.
نعم: لاباس بالقول بالتجوّز في بعض ما کان تشريعه في اواخر عهد الرسالة، ان وجد؛ وفي مثله يجوز القول بذلک.