درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

35/12/06

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: العودة الي مامرّ (تتميماً لمبحث خصائص النصوص الدينية)

قلنا: انَّ ادراك كلِّ نصٍّ مرهونٌ بملاحظة العوامل المؤثّرة على ظاهرة الدلالة والتفهم، من قبيل 1.«خصائص الماتن»، 2.«خصائص مخاطب النص»، 3.«خصائص مضامين النّص»، 4.«خصائص موضوع او موضوعات محمولات القضايا» التي تشَکّل النص، 5. وبأخرة:«العناصر المؤلِّفة لهويته الارتباطية الدّلالية» وهي الّتي تُشکّل بنيةَ لغته.
فنقول: مبدأ النصوص الدّينية (وهي الکتاب والسنّة) هو البارئ الرّب ـ جلّ و علاـ مباشرة وغيرَمباشرة، وله ولوسائطه الإبلاغية(الرسول والولي، ومصادر المعرفة الأخريٰ) خصائص؛ ومخاطبها هو الإنسان، وله أيضا خصائص وهي معروفة في الجملة؛ ومضامينها هي مجموعة القضايا الحاويه للحقائق التکوينية والتعاليم التشريعية(التکليفية منها والتحسينيه)، ولکلّ منهما أيضاً خصائص؛ وموضوعات قضايا هذه النصوص متنوعة کما تُعلَم، ولکلّ منها خصائص. ولخصائص کلّ من المبادئ الخمسة المذکورة دور ووظيفة في توليد و تنسيق قواعد فهم النص وضوابطه، فعلي المفسر والمستنبط تخريجها وتنسيقها کجهاز معرفي منطقي واستخدام هذا الجهاز في فهم تلک النصوص، وهذه الأطروحة هي التي نسميها بـ«نظرية الابتناء»، فللطالب الراغب الرجوع إلي کتابنا المسمي بنفس العنوان بالفارسية.
من الممکن تلخيص الأطروحة وتستذجتها بمثل التّالي:
للنصوص الدّينية لاسيما الکتاب الکريم، خصائص يجب أن تلاحظ حين استنطاقها واستفهامها، حسَب المورد، وبنظرنا مهامّ تلک الخصائص هي عبارة عن:
أ) وَحيويّتِها تارةً، وولويتِها ولدنّيتها أخريٰ (أي: کونُها من المنزَلات الماورائية تارةً، والملهَمات الغيبية أخريٰ)، کما قال عزّ من قائل: «نزل به الرّوح الأمين»[1] و«ماينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي».[2]
ب) هادويتها، کما صرّح بها الهادي المتعال: «إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشّرُالمؤمنين الذين يعملون الصالحات أنّ لهم أجراً كبيراً».[3]
ت) حِكْمَويتُها وعقلانيّتها، کما جاء في کتابه الحکيم: «الر كتاب أحكمت آياته ثمّ فُصِّلت من لدن حكيم خبير».[4]
ث) فِطرويتها، کما في سورة الرّوم: «فأقم وجهَك للدّينِ حنيفاً فطرةَ الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله»،[5] وهذا هو سرّ شدّة تاثّر مخاطبي النص الديني عنه.
ج) شموليّة مضامينها وکمالية تعاليمها، کما قال جلّ شأنه: «ونزّلنا عليكَ الكتابَ تبياناً لكلِّ شيء...».[6] و «... يهدي للتي هي أقوم...».[7]
ح) إنسجامُ محتواها، إضافةً إلي انتظامها اللفظي؛ کما «أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً».[8]. وإن کان من الممکن تفريع هذا الوصف علي خصيصة حِکموية النصوص القدسية، فعندئذٍ لايعدّ هذا کخصيصة أصلية في عرض سائر الخصائص المبحوث عنها هنا.
خ) وبأخرة: امتلاک لغتها خصائص ارتباطيّة ودلاليّة خاصّة وَفق المقترح الذي مر البحث عنه.


[1]شعراء/سوره26، آیه193.
[2]نجم/سوره53، آیه3.
[3]اسراء/سوره17، آیه9.
[4]هود/سوره11، آیه1.
[5]روم/سوره30، آیه30.
[6]نحل/سوره16، آیه89.
[7]اسراء/سوره17، آیه9.
[8]نساء/سوره4، آیه82.