درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

35/12/04

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: فصٌّ: نماذج من الاستعارات، والمفاهيم الخاصة القرآنية، وأيضاً الأحاديث القائلة بوجود ظهر وبطنٍ له:
وكما ذكر سابقاً: النصوص الدينيه تمتلک قسمين من الخصائص: 1. العادية التي توجد هي في النصوص المحاورية العقلائية، 2. غيرالعادّية التي تفتقدها النصوص المحاورية؛ ولهذا نري أنه لم يتجنّب القرآن وأيضاً السنّة النبويه والولوية عن استخدام الصناعات الأدبيّة کالمجاز والإستعارة مثلاً؛ بينما أنّه بالرُّغم من البِنية العقلائية للغة الدّين، هما يحويان أيضاً مفاهيم كثيرة يصعب إدراكها؛ کما أنّه توجد روايات عديدة أيضاً تشير إلى وجود ظهرٍ وبطن للکتاب الحکيم؛ من هنا نحن نعتقد باشتمال كلام الله على خصائص تُميِّزه عن الكلام البشري المتعارف؛ فنشير، كأمثلةٍ، إلى بعض الشواهد المؤيِّدة للجهات المشار إليها أعلاه:
1. نماذج من الاستعارات القرآنيّة:
قد استعمل القرآن (وسائر النصوص الدينية أيضاً) بعض الصنايع الأدبية، منها صنعة الاستعارة، نذکر هناک بعض الآيات کالآتية، نموذجاً:
«أنزل من السماءِ ماءً فسالت أودية بقدرها»[1]
«ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً»[2]
«ولا تجعل يدكَ مغلولة إلى عُنُقك ولا تبسطها كلَّ البسط فتقعد ملوماً محسوراً»[3]
«بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء»[4] [5]
«ألر كتاب أنزلناه إليك لتُخرج الناس من الظلمات إلى النور»[6]
«ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلَّ سبيلاً»[7]
«ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أُكُلها كلّ حين بإذن ربِّها ويضربُ الله الأمثال للناس لعلهم يتذكّرون»[8] [9]
2. نماذجُ من المفاهيم الخاصة في الآيات:
تشتمل الآيات القرآنية علي بعض المفاهيم صعبة الإدراك کالآتية:
الاوّل: خلق السماوات في ستة أيام:
«إنّ ربّكُم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام»[10]
«وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولنّ الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين»[11]
«الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من وليٍّ ولا شفيع أفلا تتذكرون»[12]
«ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسّنا من لغوب»[13]
«هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلمُ ما يلجُ في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير»[14]
الثاني: الاستواء إلى السماء:
«ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض اٌئتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين»[15]
وقال مالك بن أنس بشأن «الاستواء الى السماء» الوارد في هذه الآية: «الاستواء معلوم، والكيفية مجهولة، والايمان به واجب، والسؤال عنه بدعة»[16]
الثالث: تسبيح الجماد:
«تُسبِّحُ له السماواتُ السبعُ والأرضُ ومن فيهنّ وإن من شيء إلاّ يسبّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً»[17]
الرابع: حديث النّمل:
«حتى إذا أتوا على واد النّمل قالت نملة يا أيها النّملُ ادخلوا مساكنكم»[18]
الخامس: حديث الطير:
«إنّي وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كلِّ شيء ولها عرش عظيم»[19]
السادس: الله نورالسموات والارض:
«الله نور السموات والأرض...»[20]
السابع: يوم يعادل خمسين ألف سنة:
«تعرجُ الملائكة والروح إليه في يوم كان مقدارهُ خمسين ألف سنة»[21]
الثامن: نفخُ الصُّور:
«فإذا نُفخ في الصُّور نفخة واحدة»[22]
التاسع: النظر إلى الرّب:
«وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة»[23]
العشر: حديث الأرض:
«يومئذ تحدّث أخبارها»[24]
الاحد عشر: حديثُ جلد البدن:
«وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كلّ شيء وهو خلقكم أوّل مرة وإليه ترجعون»[25]
الثاني عشر. حديث النار:
«يوم نقول لجهنّم هل امتلأت وتقول هل من مزيد»[26]
3. نماذج من الأحاديث القائلة بوجود ظهر وبطنٍ للقرآن الحکيم:
جاءت في المجامع الروائية، عشرات (وقيل: توجد مآت) من أحاديث الرسول الأعظم(ص) وأئمة أهل البيت(ع) تُصرِّح بوضوح علي کون القرآن ذابطون ومراتب مختلفة، فنذکر هيهنا بعض الأخبار نموذجاً:
قال رسول الله (ص): «ما في القرآن آية الاّ ولها ظهر وبطن وما فيه حرف إلاّ وله حدّ ولكلِّ حدٍّ مطلَع»[27]
و عنه(ص) أيضاً: «إنّ للقرآن ظهراً وبطناً ولبطنه بطناً إلى سبعة أبطن»[28]
و قال الامام الباقر (ع): «إن للقرآن بطناً وللبطن بطن وله ظهرٌ وللظهر ظهر»[29]
و قال الامام الصادق (ع): «له ظهرٌ وبطن فظاهرهُ حكم وباطنه علم، ظاهره أنيق وباطنه عميق»[30]
وعنه (ع) أيضاً: «كتابُ الله على أربعة أشياء: العبارة والإشارة واللطائف والحقائق. فالعبارة للعوام, والإشارة للخواص، واللطائف للأولياء, والحقائق للأنبياء»[31]
الروايات الواردة في المسألة متواترة، وقد ذكر العلامة المجلسي في المجلد 89 من بحار الأنوار (باب أنّ للقرآن ظهراً وبطناًو...)، 84 حديثاً بأسنادٍ مختلفة و متنوعة، بشأن أنّ للقرآن ظهراً و بطناً؛ فليرجع الراغبون إلى هناك.


[1]رعد/سوره13، آیه17.
[2]نحل/سوره16، آیه92.
[3]اسراء/سوره17، آیه29.
[4]مائده/سوره5، آیه12.
[5]مائده/سوره5، آیه64.
[6]ابراهیم/سوره14، آیه1.
[7]اسراء/سوره17، آیه72.
[8]ابراهیم/سوره14، آیه24.
[9]ابراهیم/سوره14، آیه25.
[10]اعراف/سوره7، آیه54.
[11]هود/سوره11، آیه7.
[12]سجده/سوره32، آیه4.
[13]ق/سوره50، آیه38.
[14]حدید/سوره57، آیه4.
[15]فصلت/سوره41، آیه11.
[16] الملل و النحل، أبوالفتح محمدالشهرستاني، ج1، ص93.
[17]اسراء/سوره17، آیه44.
[18]نمل/سوره27، آیه18.
[19]نمل/سوره27، آیه23.
[20]نور/سوره24، آیه35.
[21]معارج/سوره70، آیه4.
[22]حاقه/سوره69، آیه13.
[23]قیامه/سوره75، آیه23.
[24]زلزله/سوره99، آیه4.
[25]فصلت/سوره41، آیه21.
[26]ق/سوره50، آیه30.
[27] البرهان، السيد هاشم البحراني، ص20.
[28] التفسير الصافي، الفيض الكاشاني، ج1، ص59.
[29] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج89، ص95.
[30] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج53، ص79.
[31] التفسير الصافي، الفيض الكاشاني، ج1، ص31.