درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

35/11/19

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: الفرع الثاني: الاتجاهات الموجودة والآراء المطروحة على صعيد لغة الدين.

توجد هناک آراء ونظرات مختلفة يمكن تنسيق مجموع الآراء المطروحة على صعيد لغة الدين في خمسة إتجاهات ومسالک أصلية، و هي:
أ) الاتجاه الوضعي [Positivist Approach]
ب) الاتجاه الوظيفي [Functional Approach]
ت) الاتجاه الرمزي [Symbolic Approach]
ث) الاتجاه النخبوي [Elitist Approach]
ج) النظرية المختارة.
أ) اما الإتجاه الوضعي ومسلک اصحاب التحصّل:
وهو أنّ القضايا التي تفتقد امکان الإختبار التجريبي، کالقضايا الفلسفية واللدينية والعرفانية والأخلاقية، تفتقد المعني مطلقا، لانّها أشباه القضايا وليست بقضايا حقيقةً.
تقرير نظرية التحصّلية الوضعية، فهي تترتب عليٰ مقدمات ثلاث:
الأوليٰ: الوجودات تنحصر في الماديات المحسوسة، فما لم تدرکه الحواسّ الظاهرية فليس بموجود،
والثانية: المنهجة الناجحة والمنتِجة للعلم هي المنهجة التجريبية الحسّية فحسب،
والثالثة: بما أنّ القضايا الفلسفية والأخلاقية والدينية قضايا مجرّدة غيرمحسوسة، تفتقد امکان الاختبار التجريبي،
فهي ليست بقضايا في الحقيقة، بل هي أشباه القضايا فلاتحمل معني محصلاً من اساس.
فيلاحظ عليها:
أوّلاً: إنّ قضيتي « الوجودات تنحصر في الماديات المحسوسة» و« المنهجة الناجحة للعلم هي المنهجة التجريبية فحسب»، هل هما تجريبيتان فتقبلان الاختبار التجريبي بالمباشرة أو لا؟ والحقّ أنهما ليستا کذلک قطُّ.
وثانياً: توجد هناک وجودات کثيرة لاتَسعها يد الاختبار التجريبي بالمباشرة: إما ثبوتاً وذاتاً (اللاتجريبيات)، أو اثباتاً للتعذُّر، فکما أنه لايمکن إثبات تلک الوجودات والقضايا الحاکياتِ عنها بالاختبار التجريبي، لايجوز انکارها أيضا هکذا.
وثالثاً: إنّ کثيراً ممالايمکن اختباره التحريبي مباشرةً وبلاوسائط يمکن اختباره کذلک بالواسطة.
ورابعاً: إن المنطق التجريبي مبتنٍ علي المبادئ اللاتجريبية المتافيزيقّية الکثيرة، منها الإذعان بوجود الواقع الخارحي، والاعتراف بالعلية، وقضية استحالة اجتماع النقيضين و رفعهما؛ فانه من دون الإذعان بها لايفيد بل لايمکن الإختبار التجريبي من اساس.
خامساً: الاستقراء و التجربة توجِد صغريات قياسات المنطق التحريبي فقط، فهي مرکبة من الصغريات التجريبية و الکبريات العقلية، وبما أنّ النتيجة تابعة لأخسّ المقدمات، فکيف يعتقد بنجاح هذا المنطق والمنهجية وحاکويتها عن الواقع؟
وسادساً: إن القضايا الدينية ليست کلها من الإخباريات، بل بعضها من الانشايات (التحسينيات و التکليفيات) فليس في مصبّ الحکاية حتي يقال بکونه حاکياً ذامعني أو عدمِه، و کم له من نظائر في قضايا العلوم غيرالدينية کالعلوم الانسانية مثلاً.
وسابعاً وأخيراّ: إنّ کثيراً من القضايا الدينية والعقلية تقبل الاختبار التجريبي (بمعني من المعاني) أيضاً.