درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

35/06/30

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: 1ـ علاميّة التّبادر.

ومنها ما نقله المحقّق الأصفهاني(قد) عن المحجّة في أصول الحجّة : وقال: ربما يقال «معنى كون التبادر علامةً، كونه دليلاً إنيّاً على الوضع حيث انّه معلول له، و هو لا يقتضى إلاّ كون الوضعِ مقتضياً به و العلمِ شرطَ تأثيره؛ فلا مجال لتقرير الدور؛ حيث انّ صفة الاقتضاء و المعلوليّة غير موقوفة على العلم؛ كما لا مجال لدفعه بأنه علامة للجاهل عند العالم، فانّ صفة المعلوليّة بالمعنى المذكور ثابتة في حدّ ذاتها من غير نظر إلى العالم و الجاهل.» فعلی هذا، التبادرُ ليس معلولاً للعلم بالوضع بل لنفس الوضع و من مقتضياته، و لذا يَكشف عنه إنّاً؛ و العلم بالوضع إنّما هو شرط في تأثير الإقتضاء الثابت للوضع في التبادر.
ثم أجاب عن هذا الجواب بأنّه: لو سلّم لوقع الدّور أيضا في ناحية الشرط؛ لتوقّف التبادر على العلم بالوضع باعتباره شرطاً و توقَفً العلم على التبادر باعتباره علامةً.
 وکما مرّ آنفاً يمکن أيضاً أن يقال: لاملازمة مباشرةً، بين الوضع والتبادر اصلاً.
و منها: ما ذكره المحقق العراقي (قده): من أنه يكفي في ارتفاع الدور تغاير الموقوف و الموقوف علىه بالشخص لا بالنوع، فليُفرَض علمان تفصيليان متماثلان: أحدهما يتوقّف على التبادر و الآخر يتوقّف عليه التبادر(مقالات الأصول: ج1، ص31).
قال في البحوث: «هذا البيان من الغرائب، لا لأجل لغوية تحصيل العلم ثانيا - كما أفاده فقط - بل لوضوح استحالة حصول علمين تصديقيين تفصيليين بأمر واحد و إن تعددت الصور التفصيلية، لأنها إنا تكون هي المعروض بالذات للتصديق بما هي فانية في الخارج فإذا لم يكن إلا خارج واحد مرئي بنحو واحد بكلتا الصورتين فلا يعقل تعدد التصديق كما لا يعقل تعدد الشك».[1]
قال (قده) في ذيل المقالة السابعة: لشبهة الدّور هنا تقريبان:
الأول: انّ التبادر متوقف على العلم بالمعنى الموضوع له، فإذا كان العلم بالمعنى الموضوع له متوقفا على التبادر لزم الدور.ثم أجاب عنه بمثل ما أجاب به المحققُ الخراساني(قده) وقدمرّ ما من الإشکال فيه.
الثاني: انّ مطلق التبادر لا يكون علامة على الحقيقة بل تبادر المعنى الموضوع له [هو] علامة الحقيقة. (و كذلك عدم صحة السلب) و حينئذ فالتبادر متوقف على العلم بالوضع، و العلم بالوضع متوقف على التبادر، فيلزم الدور. و أجاب عنه بعدم الحاجة إلى تقييد التبادر باستناده إلى الوضع. و وضّحه بأنه إذ يكفي في إثبات الوضع إحراز استناد التبادر إلى حاق اللفظ، و هذا لا يتوقف على العلم بالوضع؛ فلا دور حينئذ. (مقالات‏الأصول: ج 1، ص 114ـ 113)



[1] بحوث فى علم الاصول، السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، ج1، ص164ـ165.