درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

35/04/08

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في أسماءالإشارة
«مَا تَرَكَ الْحَقَّ عَزِيزٌ إِلَّا ذَلَّ وَ لَا أَخَذَ بِهِ ذَلِيلٌ إِلَّا عَزَّ»[1]
   الثّالث: قول المحقّق الإصفهاني: وهو أنّ الموضوع له هو الإشارة الموجودة خارجاً، كما أنّ لفظة «الرّجل» موضوعة لمعنیً موجود في الخارج، فلابدّ من تحقّق الإشارة باستخدام اداة من أدوات الإشارة، كالإصبع و نحوه، حتی يجوز أويصلح استعمال لفظة «هذا» مثلاً فيها. هذا ما يظهر منه(قدّ) وبعضِ من تبعه کالمحقّق الخويي(قدّ سرّهما) وبعض من وافقه کالميرزا الرّشتي. (تنظر أيضاً: بدايع الأفکار للمحقق الرشتي:44)
قال في نهاية الدّراية، بعد نقد قول المحقّق الخراساني: «بل التحقيق أنّ أسماء الإشارة و الضمائر موضوعه لنفس المعنى عند تعلّق الإشارة به خارجاً أو ذهناً بنحو من الأنحاء فقولك [هذا] لا يصدق على [زيد] مثلاً إلاّ إذا صار مشاراً إليه باليد أو بالعين مثلا فالفرق بين مفهوم لفظ المشار إليه و لفظ هذا هو الفرق بين العنوان و الحقيقة نظير الفرق بين لفظ الرّبط و النسبة، و لفظ [من وفى‏] و غيرهما، و حينئذ فعموم الموضوع له لا وجه له بل الوضع حينئذ عام و الموضوع له خاص كما عرفت في الحروف».[2]
وقال في المحاضرات، بعد نقل قول المحقّق الخراساني(قدّ):
«و التحقيق انا لو سلمنا اتحاد المعنى الحرفي و الاسمي ذاتاً و حقيقة، و اختلافهما باللحاظ الآلي و الاستقلالي لم نسلم ما أفاده - قده - في المقام، و الوجه فيه هو ان لحاظ المعنى في مرحلة الاستعمال مما لا بد منه و لا مناص عنه، ضرورة ان الاستعمال فعل اختياري للمستعمل فيتوقف صدوره على تصور اللفظ و المعنى، و عليه فللواضع ان يجعل العلقة الوضعيّة في الحروف بما إذا لو حظ المعنى في مقام الاستعمال آلياً، و في الأسماء بما إذا لو حظ المعنى استقلالا، و لا يلزم على الواضع ان يجعل لحاظ المعنى آلياً كان أو استقلالياً قيداً للموضوع له، بل هذا لغو و عبث بعد ضرورة وجوده، و انه في مقام الاستعمال مما لا بد منه و هذا بخلاف أسماء الإشارة و الضمائر و نحوهما، فان الإشارة إلى المعنى ليست مما لا بد منه في مرحلة الاستعمال، بيان ذلك انه ان أريد بالإشارة استعمال...».[3]
 وأضاف قائلاً: «فالصحيح في المقام ان يقال: ان أسماء الإشارة، و الضمائر و نحوهما وضعت للدلالة على قصد تفهيم معانيها خارجاً، عند الإشارة و التخاطب لا مطلقاً، فلا يمكن إبراز تفهيم تلك المعاني بدون الاقتران بالإشارة و التخاطب، فكل متكلم تعهد في نفسه بأنه متى ما قصد تفهيم معانيها أن يتكلم بها مقترنة بهذين الأمرين، فكلمة (هذا) أو (ذاك) لا تدل على معناها و هو المفرد المذكر إلا بمعونة الإشارة الخارجية، كالإشارة باليد كما هي الغالب أو بالرأس أو بالعين، و ضمير الخطاب لا يبرز معناه إلا مقترناً بالخطاب الخارجي. و من هنا لا يفهم شي‌ء من كلمة هذا - مثلا - عند إطلاقها مجردة عن اية إشارة خارجية، و على ذلك جرت سيرة أهل المحاورة في مقام التفهيم و التفهم، و صريح الوجدان و مراجعة سائر اللغات أقوى شاهد على ما ذكرناه.
ثم لا يخفى: أنّ مثل كلمة " هذا " أو " هو " إنما وضعت لواقع المفرد المذكر، أعني به: كلّ مفهوم كلي أو جزئيّ لا يكون مؤنّثاً، لا لمفهومه، وإلا فلازمه أن يكون لفظ " هذا " مرادفاً مع مفهوم المفرد المذكر، مع أنّه خلاف الضرورة والوجدان، وعلى ذلك فيكون الوضع عامّاً والموضوع له خاصّاً، وقس عليهما غيرهما من أسماء الإشارة والضمائر». [4]



[1] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج75، ص374.
[2] نهاية الدراية، محمد حسين غروي، ج1، ص36.
[3] محاضرات‏ في ‏الأصول، سيد ابوالقاسم خويی، ج1، ص90.
[4] محاضرات‏ في ‏الأصول، سيد ابوالقاسم خويی، ج1، ص91.