41/01/23
موضوع: التعارض/ التخصص و الورود / الورود من أحد جانبين .
الورود :
تعريفه :
عُرّف الورود بأنّه : كون معناه أحد الدليلين دافقعاً لموضوع مفاد الدليل الآخر ونافياً له حقيقةً .والفرق بينه وبين التخصص مع اشتراكهما في الرفع الحقيقي للدليل هو أنّ الرفع في الورود بالتعبّد الشرعي ، بينما الرفع في التخصص لا بتوسط التعبّد الشرعي ، بل بالذات والتكوين .ولنبين المثال على ذلك ، إذا قال : أكرم كلّ عالم ، ثمّ أخير بعدم كون زيد عالماً كان هذا تخصص ؛ لأنّ ارتفاع وجوب الإكرام عن زيد الجاهل حقيقي ذاتي تكويني لا بتوسّط التعبّد ، بينما لو قال : جعلت الآمارة الفلانية حجة في مورد الشكّ في الحكم الشرعي ، فإنّ جعلها رافعٌ لموضوع البراءة الشرعية الجارية في موارد الشكّ في التكليف ، فهو رفعٌ حقيقي بلا ريب ، إذ لا يبقى مجالٌ للرجوع إلى البراءة الشرعية ، ولا إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان المساوي في الرتبة لها ، فكلّما تقوم هذه الآمارة على الحكم خرجنا بذلك عن موضوع البراءتين الشرعية و العقلية ، لأنّ جعل الحجية لها يخرجها عن موضوعها وهو عدم العلم ، ولكن بتوسط التعبّد بها .
هذا هو الفرق الجوهري بين الورود والتخصص .أقسام الورود : ينقسم الورود إلى قسمين :الأول : الورود من أحد الدليلين دون الآخر .
الثاني : الورود من كلا الدليلين على الآخر .
عرفنا فيما مضى :أنّ الورود : وهو الذي يكون مفاد أحد الدليلين رافعاً لموضوع مفاد الدليل الآخر ونافياً له حقيقةً بالتعبّد الشرعي ينقسم إلى قسمين:
الأول : الورود من أحد الجانبين .
الثاني : الورود من كلا الجانبين .
أمّا الأول وهو الورود من أحد الجانبين ، فهو بمعنى أن يكون مفاد أحد الدليلين رافعاً لموضوع مفاد الدليل الآخر ، مع عدم الرفع من الدليل الآخر لموضوع مفاد الدليل الأول .وهو على أقسام خمسة :القسم الأول : أن يكون أحد الحكمين رافعاً لموضوع الحكم في الدليل الآخر بمجرد جعله ، مثاله :
ما يذكر في باب الزكاة من عدم تعلّق الزكاة بشيءٍ واحد مرتين ، ويفسرونه عادةً بأنّه لا يُشرّع دخوله عين واحدة زكوية في نصابين في السنة الواحدة فمثلاً : لو كان يملك عشرين ناقة لمدّة ستة أشهر ، وهذا هو النصاب الرابع في الإبل ، فهنا حكمه المجعول غير الفعلي مقدّر على فرض بقاء هذا النصاب إلى آخر السنة ، فيجب دفع أربع شياه عليه ، ثمّ لو ازدادت إبله وأصبحت على رأس ستة أشهر أخرى خمساً وعشرين ناقة ، وهذا هو النصاب الخامس والذي يثبت فيه خمس شياه ، فيقع التعارض بين دليلي جعل الزكاة في هذين النصابين ، فإذا ضممنا ما ذهبوا إليه في هذا المورد من أنّ وجوب الزكاة الثانية مشروط بعدم تقدم ما يقتضي وجوب الزكاة الأولى ، كان وجوب الزكاة الأولى بنفسه – قبل أن يصبح فعلياً – رافعاً لموضوع وجوب الزكاة الثانية .