41/01/17
موضوع: التعارض/التخصص و الورود /التخصص
التخصص و الورود :والكلام فيهما من جهات :وإنّما جمعنا بين التخصص والورود في بحثٍ واحد مع أنّ الأنسب إبقاء كلّ واحدٍ منهما في فصلٍ مستقلٍ لتغايرهما ؛ لأجل أنّ تحديد الفرق بينهما فيه كلام ، ولأجل اتضاح الصورة في الفرق بينهما جمعناهما في فصلٍ واحد .
تعريف التخصص :ذكر الأعلام تعاريفاً متنوعة للتخصص ، بعضها عام وبعضها خاص ، وبعضها سقيم والآخر سقيم ، ولا بأس بعرض جملةٍ منها :
التعريف الأول : للمحقق النائيني (قدّه):فقد عرّفه المحقق النائيني (قدّه) بأنّه : خروج الشيء عن موضوع الدليل بذاته تكويناً .
والمعنى أنّ التخصص هو الخروج الموضوع للشيء عن حرم موضوع الدليل الذي يفرض الشكّ في دخوله فيه ، وهذا الخروج الموضوعي يعني عدم شمول موضوع الحكم له فضلاً عن نفس الحكم ، ولكن حيث كان خروج الشيء عن الموضوع مرّةً بمخرج وأخرى بنفسه كان بحاجة إلى تقييد الخروج بذاته ، بمعنى أنّ نفس الشيء يمتنع عن الدخول في الموضوع ، فمثلاً الجاهل بنفسه يخرج عن موضوع أكرم العلماء ؛ لعدم صدق الماهية عليه ، وعدم توفرها فيه .
ويمكن أن يرد عليه :أنّ التخصص مفهوماً ليس هو خروج الشيء ؛ لأنّ مصطلح الخروج يستبطن احتمال حيثية الدخول ، بمعنى أنّ هناك مقتضى للدخول ، أو احتمال الدخول ولكنّه خرج ، وهذا مخالف لحقيقة التخصص ؛ إذ التخصص لا يحتمل فيه الدخول أصلاً لنعبر بالخروج .
التعريف الثاني : للمحقق اليزدي (قدّه) :فقد عرّفه (ره) بأنّه : يطلق التخصص على ما إذا كان موضوع كلّ من الدليلين مغايراً لموضوع الآخر ، وكان خارجاً عنه من الأول[1]
ومقصوده أنّ دليل وجوب إكرام العالم موضوعه العالم ، فيما موضوع دليل عدم وجوب إكرام الجاهل هو نفس الجاهل ، ولا ريب في التغاير المفهومي بين العالم والجاهل ، ومع التغاير فلا ريب في خروج الجاهل عن موضوع وجوب الإكرام لمكان هذا التغاير .
وفيه :أنّ لسانه ليس لسان التعريف المنطقي ، بل ظاهر إرادة الشرح والتوضيح ، لا بيان الحقيقة والماهية ، لوضوح أنّ مفهوم التخصص ليس حقيقةً في المغايرة الموضوعية ، وإن كان مورده ذلك ، ولكن فرقٌ كبير بين كون المغايرة مورداً للتخصص وبين جعلها حقيقة التخصص.