45/11/10
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: النواهی / اقتضاء النهي لفساد العمل المنهيّ عنه / الإشکالات علی مدعی المحقّق النائينيّ
يرد على ما تقدّم عن المحقّق النائينيّ إشكالات:
1 ـ إن قلنا بجواز القِران في الصلاة، فلا وجه لتخصيص أدلّة جواز القِران بغير الفرد المنهيّ عنه، لأنّ عدم مانعيّة القِران للصلاة لا يخالف القاعدة حتّى يُقتصر في هذا الخصوص على المورد الذي يتحقّق فيه القِران بغير الفرد المنهيّ عنه، بل إنّ عدم مانعيّته لها مطابق للقاعدة ولا تدلّ حرمة الفرد المنهيّ عنه على مانعيّة القران للصلاة.
2 ـ يقول السيّد الخوئيّ في الإشكال على دعوى المحقّق النائينيّ من أنّ تعلّق النهي بما قد يكون جزءً العبادة يعني أنّ العبادة مأخوذة لا بشرط بالنسبة إلى المنهيّ عنه: «إنّ حرمة جزء العبادة لو كانت موجبة لتقييد العبادة بغيره من الأجزاء، لكانت حرمة كلّ شيء موجبة لذلك، ضرورة أنّه لا فرق في ذلك بين كون المحرّم من سنخ أجزاء العبادة وبين كونه من غير سنخها من هذه الناحية أصلاً. وعلى هذا فلابدّ من الالتزام ببطلان كلّ عبادة قد أتى المكلّف في أثنائها بفعل محرّم ـ كالنظر إلى الأجنبية مثلاً في الصلاة ـ مع أنّ هذا واضح البطلان. فإذن الصحيح في المقام أن يقال: إنّ حرمة شيء تكليفاً لا تستلزم تقييد العبادة بالإضافة إليه بشرط لا، بداهة أنّه لا تنافي بين صحّة العبادة في الخارج وحرمة ذلك الشيء المأتيّ به في أثنائها.»[1]
ولكنّ السيّد الروحاني يقول في دفع هذا الإشكال: وُضعت أسماء العبادات للأعمّ من الصحيح والفاسد، وكما يدلّ اسم العبادة مثلاً على الفرد ذي الأجزاء التسعة، فكذلك يصدق على الفرد ذي الأجزاء العشرة بحيث يكون الجزء العاشر أيضاً دخيلاً فيما يصدق عليه اسم العبادة وليس خارجاً عنها.
فما يؤتى مع الجزء المحرّم يصدق عليه عنوان عبادة كالصلاة والجزء المحرّم أيضاً يقوّم فرديّتها، ومن الواضح أنّ إطلاق العنوان المأخوذ في متعلّق الأمر لا يمكن أن يشمل الفرد المتقوّم بالجزء المحرّم، إذ يمتنع تعلّق الأمر بالفرد ذي الجزء المحرّم، وهذا هو المراد من المانعيّة وأخذ المركّب بشرط لا بالنسبة إلى المنهيّ عنه.
وبذلك يتّضح اختلاف الجزء المنهيّ عنه عن موارد كالنظر إلى الأجنبيّة، لأنّ الأخير لا يقوّم فرد الصلاة ولا ينطبق عنوان الصلاة على الفرد الذي يكون النظر إلى الأجنبة جزءً له حتّى يؤخذ بشرط لا بالنسبة إليه.[2]
أقول: إنّ دعوى المحقّق النائينيّ والسيّد الروحانيّ في الحقيقة تقوم على ما تقدّم في مبحث اجتماع الأمر والنهي من أنّ الفعل الخارجيّ الواحد هل يمكن أن يدخل تحت عنوان المنهيّ عنه من جهة، وتحت عنوان المأمور به من جهة أُخرى أم لا؟ وتقدّم أنّ القائلين بامتناع اجتماع الأمر والنهي يقولون باستحالة ذلك، فينتج عنه أنّ تخصيص دليل الوجوب بغير الفرد المنهيّ عنه إنّما يكون في صورة ترجيح جانب الحرمة.
وكذلك يقال فيما نحن فيه بأنّ جزء العبادة لا يكون جزء العبادة المأمور بها حالَ كونه محرّماً، ودليل التحريم يسبّب تخصيص دليل العبادة بالنسبة إلى هذا الفرد ـ وبعبارة أُخرى يسبّب أخذها بشرط لا بالنسبة إلى ذلك الجزء ـ وبما أنّ السيد الخوئيّ أيضاً يقول بامتناع اجتماع الأمر والنهي، فجواب السيّد الروحاني على إشكاله تامّ بناءً على ما تبنّاه.
ولكن يمكن ـ بناءً على ما تقدّم في بيان علّة إمكان اجتماع الأمر والنهي بالنحو المذكور ـ أن نقول هنا أيضاً بعدم تماميّة استدلال المحقّق النائينيّ والسيّد الروحانيّ ممّا نوكل بيانه إلى الجلسة القادمة إن شاء الله.