بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/11/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهی / اقتضاء النهي لفساد العمل المنهيّ عنه / الإشکالات علی مدعی المحقّق الخراسانيّ

 

ذكرنا تقسيم المحقّق الخراسانيّ لأنحاء تعلّق النهي بالعبادة سابقاً وقلنا: إنّ المحقّق الإصفهانيّ أورد عليها بما يرد بعضه ولا يرد بعضه الآخر.

غير أنّ الذي ذكره الآخوند من أنّ تعلّق النهي بجزء العبادة فيما أُتي ببدل ذلك الجزء، لا يسبّب فساد العبادة إلا إذا أدّى إلى الفساد من جهة أُخرى، فهو خروج عن محلّ الكلام، إذ لو أُتي بعد إتيان المنهيّ عنه ببدله أيضاً ـ كما نُهي عن قراءة العزائم في الصلوات وقرأ المصلّي بعد إحدى العزائم سورة أُخرى ـ فجزء الصلاة في هذه الحالة هو بدل المنهيّ عنه لا المنهيّ عنه، ومعلوم أنّ النهي في هذا الفرض لم يتعلّق بجزء الصلاة وإنّما بشيء لم يكن جزء الصلاة فوقع أثناءها. هذا فيما إذا لم يأت بالمنهيّ عنه عالماً عامداً بنيّة جزئيّته للعبادة، إذ الإتيان بالبدل حينئذٍ لا يسبّب خروج المنهيّ عنه عن جزئيّة المركّب.

وأشكل المحقّق النائينيّ أيضاً على دعوى الآخوند قائلاً: إنّ جزء العبادة إمّا أن يكون بنحو يعتبر فيه عدد معيّن ـ مثل السورة التي يشترط فيها الوحدة بناءً على حرمة القِران في الصلاة ومانعيّته ـ وإمّا أن لا يكون كذلك. وفي الصورة الأُولى إذا تعلّق النهي بهذا الجزء ـ كالنهي المتعلّق بقراءة العزائم في الصلاة ـ فإمّا أن يأتي المكلّف إضافةً إلى المنهيّ عنه بفرد آخر أيضاً أو لا يأتي به. فإذا أتى به فإنّ ما يدلّ على شرطيّة العدد يوجب فساد العبادة، وإذا لم يأت به فالعبادة تفسد لفقدان الجزء، لأنّ تعلّق النهي بالمأتي به يوجب خروجه عن جزئيّة العبادة.

وعليه فمن قرأ سور العزائم في الصلاة بطلت صلاته حتّى لو قرأ بعدها سورة أُخرى، إمّا لأنّ القِران يوجب فساد الصلاة وإمّا لأنّه لم يأت بجزء الصلاة. بل حتّى لو قلنا بجواز القِران أيضاً فصلاته فاسدة ولو قرأ سورة أُخرى، لأنّ ما يدلّ على حرمة المنهيّ عنه يوجب تخصيص أدلّة جواز القِران بغير الفرد المنهيّ عنه.

على أنّ تحريم الجزء يوجب أخذ العبادة بشرط لا بالنسبة إليه، سواء أُتي بالجزء في محلّه أو في محلّ آخر ـ كما لو قرأ سور العزائم بين السجدتين ـ وعليه فإنّ إتيانه يوجب فساد العبادة على كلّ حال، أوّلاً: لأنّ وجود المنهيّ عنه في العبادة يعدّ مانعاً منها، وثانياً: لأنّه يوجب الزيادة في الفريضة ممّا يسبّب فسادها، إذ لا يشترط قصد الجزئيّة في تحقّق الزيادة فيما إذا كان المأتيّ به مجانساً لأحد أجزاء العمل، وإن اشترط قصد الجزئيّة في غيره، وثالثاً: لأنّ تعلّق النهي يوجب خروج المنهيّ عنه من أدلّة جواز مطلق الذكر في الصلاة، لأنّ أدلّة جواز مطلق الذكر تخصّص بدليل حرمة المنهي عنه، وعليه فإنّ الفرد المحرّم يدخل تحت عموم أدلّة بطلان الصلاة بالتكلّم عمداً.

والوجوه الثلاثة الآنفة بعينها هي وجه فساد العبادة في الصورة الثانية أيضاً، أي: ما إذا لم يعتبر في الجزء عدد معيّن.[1]

وقد أُورد على مقالته أُمور سنذكرها في الجلسة القادمة إن شاء الله.


[1] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص397.