بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/10/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الواجب المؤقّت / إشکالات مقالة المحققّ الاصفهاني/

 

ذكرنا في الجلسة السابقة توجيهات المحقّق الاصفهانيّ في إمكان التمسّك باستصحاب شخص الحكم وكذا كلّي الحكم بعد خروج الوقت إثباتاً للزوم إتيان الفعل بعد الوقت فيما شكّ في كيفيّة مدخليّة الوقت في الواجب.

ولكن يرد على مقالته إشكالات:

أوّلها: إذا أُحرز أنّ الوقت قيد للواجب المؤقّت بناءً على الدليل الشرعيّ، فلا شكّ حينئذٍ في رفع الوجوب بعد انقضاء الوقت حتّى يتمسّك بالاستصحاب. فالأولى في توجيه استصحاب شخص الحكم أن يقال: إنّ الشكّ في بقاء الوجوب إنّما يكون فيما إذا لم يُعلم أنّ الوقت قيد للواجب شرعاً أم لا، وفي هذه الصورة فعلى الرغم من عدم إحراز بقاء موضوع الاستصحاب بالدقّة العقليّة ولكن يكفي حكم العرف ببقاء موضوعه للتمسّك به.

وثانياً: إنّ العرف لا يرى الفعل نفسه واجباً خلافاً لمقالته وإنّما يرى الفعل المقيّد بالزمان متعلّقاً للوجوب؛ فمثلاً يرى العرف اختلافاً بين صلاة الظهر وصلاة العشاء، لا من حيث إنّ أحدهما إخفاتيّ والآخر جهريّ، بل لكون الأوّل مختصّاً بوقت معيّن والثاني بوقت معيّن آخر.

وعليه يظهر أيضاً إشكال دعواه من قياس الزمان بشروط كالطهارة والاستقبال والتستّر؛ حيث إنّ المطلوب متعدّد في هذه الشروط حسب العرف بل حسب الأدلّة الشرعيّة في بعضها ـ كالتستّر أو الطهارة من الخبث ـ فبفقد الشرط أيضاً يمكن إتيان الفعل، بينما يرى العرف في تقيّد الفعل وحدة المطلوب.

وثالثاً: يمكن المناقشة في استصحاب كلّي الحكم أيضاً؛ إذ لو فرض وحدة المطلوب عرفاً، فإنّ تعلّق شخص الحكم بالواجب المؤقّت لا يتسبّب في تعلّق تبعيّ وعرضيّ بذات الفعل، بل كما تقدّم سابقاً في البحث عن كيفيّة تعلّق الأمر بالمركّب بأجزائه، فالأمر المتعلّق بالمركّب يتعلّق بأجزائه أيضاً ولكن لا بالجزء بنحو لا بشرط، بل بالجزء المشروط بسائر الأجزاء، فذات الفعل بشرط الوقت إذن متعلّق للحكم الشخصيّ، فلا وجه لاستصحاب كلّي الحكم بعد انقضاء الوقت في هذه الصورة؛ إذ لا يبقى متعلّق للحكم الكلّي بانقضاء الوقت؛ إذ من المعلوم أنّ ذات الفعل بشرط الوقت ليس من أفراد كلّي الفعل.

ورابعاً: ليس امتناع اجتماع المثلين سبباً لعدم إمكان جريان استصحاب الكلّي في فرض تعلّق الحكم بذات الفعل في الآن الذي يوجد فيه الحكم بالفعل المؤقّت أيضاً؛ إذ تقدّم أنّ تعلّق الأمر بالفعل المؤقّت ليس سبباً لتعلّق الأمر الضمنيّ بذات الفعل حتّى يقال: إنّ ذات الفعل متعلّق للأمر الضمنيّ التبعيّ كما أنّه متعلّق للأمر الذي تعلّق به، بل الذي يقع متعلّقاً للحكم بواسطة تعلّق الأمر بالفعل المؤقّت هو الفعل المشروط بالوقت.

وعلى هذا، فوجه عدم جريان الاستصحاب في هذا الفرض هو أنّه لو تعلّق الطلب بذات الفعل وبالفعل المشروط بالوقت، فيلزم منه لغويّة قيد الوقت.

 

التمسّك بالاستصحاب مع الشكّ في إتيان الواجب في الوقت

بعد معرفة أنّ القضاء يكون بأمر جديد أُخذ عنوان الفوت في موضوعه، يقال: إنّ التمسّك بالاستصحاب في هذا الفرض، متوقّف على اعتبار عنوان الفوت عنواناً عدميّاً عرفاً حيث بإحراز عدم إتيان الواجب في الوقت في هذه الصورة يحرز هذا العنوان أيضاً وبالنتيجة يتحقّق موضوع القضاء. وأمّا إذا كان عنوان الفوت وجوديّاً يلازم عدم إتيان الفعل، فلا يمكن إحرازه باستصحاب عدم إتيان الواجب في الوقت إلا بنحو مثبت.

والحقّ أنّ عنوان الفوت عنوان وجوديّ عرفاً، لأنّ معنى الفوت لغةً وعرفاً هو فقد الشيء لا عدم تحصيله.

نعم، لو شكّ في الوقت في إتيان الواجب أو عدمه، فإن لم يأت بالواجب حتّى انتهاء الوقت، فيجب عليه أن يقضيه بعد الوقت، والوجه فيه أنّه بعد تحقّق الشكّ في الوقت وجريان استصحاب العدم، يجب على المكلّف أن يأتي بالفعل من باب قاعدة الاشتغال، فإذا لم يأت به صدق عليه ترك تكليف فعليّ ممّا يلازم الفوت، وفي هذا الفرض لا إشكال في وجوب القضاء بعد الوقت.

لا يقال: لا يوجب تحقّق ملزوم الفوت ـ أي الترك ـ إحراز الفوت، كما أنّ إحراز الترك بالاستصحاب لا يوجب إحراز الفوت إلا بنحو مثبت.

إذ الجواب أنّ عدم إحراز اللازم على الرغم من وجود إحراز الملزوم إنّما هو في الأُمور ذات الحجّية التعبّدية والتي يحدّد الشارع نطاق حجيّتها، وفي هذه الصورة فحجّيّة لوازمه تحتاج إلى الدليل، ومن دونه لا يمكن اعتبارها حجّة؛ ولكن فيما أُحرز وجود الملزوم وجداناً وقطعاً فوجود اللازم مقطوع به وإلا فلا معنى للملازمة.