46/06/30
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: أحکام الأولاد/ شروط إلحاق الولد/ قول صاحب الحدائق في موضوع اکثر مدة الحمل
تقدّم في الجلسة السابقة قول القائلين بالسنة كأقصى مدّة للحمل.
غير أنّ صاحب الحدائق أشكل على ما استدلّ به الشهيد الثاني وصاحب المدارك على دعواهما وقال: «إنّ المستفاد من أخبار هذه المسألة ـ أعني مسألة المسترابة... ـ هو أنّ هذه الأشهر الأخيرة هي العدّة الشرعيّة ومضيّ التسعة الأشهر وإن حصل به براءة الرحم وحصل اليقين بعدم الحبل لمضيّ المدّة التي هي أكثر الحمل، لكنّه لا ينافي وجوب الاعتداد، فإنّ ما علّل به وجوب الاعتداد من تحصيل براءة الرحم ليس كليّاً يجب إطّراده، لتخلّفه في مواضع لا تحصى، كمن مات عنها زوجها بعد عشر سنين من مفارقتها، وكذا في الطلاق مع أنّه لا ريب في وجوب العدّة...
و... إنّ اعتماده في الاستدلال على القول بالسنة بهاتين الروايتين بالتقريب الذي ذكره من ضمّ الثلاثة أشهر الأخيرة إلى التسعة وأنّ المجموع يصير سنة، منقوض بما دلّت عليه موثّقة عمّار الظاهرة في أنّ أقصى الحمل سنة، حيث إنّه(ع) أوجب الاعتداد فيها بالثلاثة بعد مضيّ السنة، وهي ما رواه عن أبي عبدالله(ع) أنّه «سئل عن رجل عنده امرأة شابّة وهي تحيض كلّ شهرين أو ثلاثة أشهر حيضة واحدة، كيف يطلّقها زوجها؟ فقال: أمرها شديد، تطلّق طلاق السنّة تطليقة واحدة على طهر من غير جماع بشهود، ثمّ تترك حتّى تحيض ثلاث حيض متى حاضت، فإذا حاضت ثلاثاً فقد انقضت عدّتها. قيل له: وإن مضت سنة ولم تحض فيها ثلاث حيض؟ قال: إذا مضت سنة ولم تحض ثلاث حيض يتربّص بها بعد السنة ثلاثة أشهر ثمّ قد انقضت عدّتها...»[1] [2]
وهذا الخبر من الأخبار الدالّة على السنة، وهو كما ترى ظاهر فيما قدّمنا ذكره من أنّ هذه الثلاثة الأشهر الأخيرة هي العدّة الشرعيّة وإن علم براءة الرحم بمضيّ أقصى الحمل بالتسعة كما في الأخبار المتقدّمة، أو السنة كما في هذه الرواية، لا أنّ هذه الثلاثة تضمّ إلى المدّة الأُولى ليحصل بالمجموع أقصى الحمل، وإلا للزم أنّ أقصى الحمل بناءً على هذه الرواية خمسة عشر شهراً وهو باطل يقيناً.»[3]
والحقّ في أصل الموضوع ما ذهب إليه صاحب الحدائق، والذي تقدّم في صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج من أنّه إن لم يوضع الحمل إلى تسعة أشهر فالمرأة تعتدّ ثلاثة أشهر، يؤيّد دعواه، إذ يُعلم بها أنّ أقصى مدّة الحمل هي تسعة أشهر، والأشهر الثلاث بعدها إنّما يجب الصبر فيها على المرأة من باب الاعتداد، لا أن يكون لهذه الثلاثة مدخليّة في أقصى المدّة.
وبعبارة أُخرى: فإنّ لزوم الاعتداد لثلاثة أشهر بعد الأشهر التسع إنّما هو لأنّها اعتدّت في تلك التسعة ظنّاً منها بوجود الحمل ثمّ تبيّن عدم الحمل، فلا عبرة بالاعتداد المذكور ويلزم الاعتداد ثلاثة أشهر من جديد، وهذا الحكم تعبّديّ لا علاقة له باستبانة الحال من حيث وجود الحمل وغيره، ولذلك وإن حصل الاطمئنان بعدم الحمل بعد تمام التسعة أشهر، يجب الاعتداد على المرأة ثلاثة أشهر من جديد.
والوجه فيه بحسب الأخبار أنّ العدّة التي تعتدّ بها المطلّقة إمّا بالأقراء أو بالحمل أو بالشهور، وعلى الرغم من عدم الدليل على لزوم النيّة في عدّة الطلاق ـ ولذلك إذا طلّقت المرأة من دون أن يتمّ إخبارها ثمّ عرفت به بعد حين وقد رأت ثلاثة قروء منذ الطلاق إلى حين اطّلاعها، فهو يكفي في خروجها عن العدّة ـ ولكن فيما إذا وجبت عليها العدّة بالشهور لكنّها قصدت العدّة بالحمل أو بالأقراء اشتباهاً، فلا عبرة بما اعتدّت وعليها أن تعتدّ بالشهور من جديد.
وعلى هذا الاساس يُعلم أنّ دعوى صاحب الحدائق ـ بالنسبة إلى دلالة موثّقة عمّار على كون أقصى مدّة الحمل سنة ـ ليست بصحيحة، إذ لم يرد فيها حديث عن الحمل أساساً، وإنّما تدلّ موثّقة عمّار على أنّ التي يجب عليها الاعتداد بالشهور إذا اعتدّت ظنّاً منها بأنّ واجبها الاعتداد بالأقراء ثمّ علمت أنّه لم يكن من واجبها فلا عبرة بما اعتدّت به وعليها أن تعتدّ بالشهور من جديد.
فعُلم ممّا قلناه أنّ أقصى مدّة الحمل بحسب الأخبار تسعة أشهر.