46/06/22
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: اجکام الولد/ شروط إلحاق الولد/ الإشکالات علی اشتراط الدخول في لحوق الولد
تقدّم أنّه لم ترد رواية تدلّ على شرطيّة الدخول في لحوق الولد.
نعم ورد في صحيحة أبي مريم الأنصاري: «سألت أبا جعفر(ع) عن رجل قال: يوم آتي فلانة أطلب ولدها فهي حرّة بعد أن يأتيها، أله أن يأتيها ولا يُنزل فيها؟ فقال: إذا أتاها فقد طلب ولدها.»[1] [2]
وقد يتمسّك بها اعتماداً على مفهوم الشرط ويدّعی أنّ طلب الولد منتفٍ فيما إذا لم يتحقّق الدخول.
ولكن يرد عليه أوّلاً: أنّه على فرض ثبوت المفهوم فإنّ الرواية لا تدلّ على عدم لحوق الولد بعدم تحقّق الدخول، بل غاية ما تدلّ عليه عدم طلب الولد.
وثانياً: أنّ من الواضح أنّ جواب الإمام(ع) إنّما كان بالنظر إلى سؤال السائل عن انعتاق الجارية فيما إذا وطئها من دون الإنزال في فرجها حيث كان النذر الواقع بأن تُعتَق الجارية إذا تحقّق دخول بنيّة طلب الولد، فردّ الإمام على شبهة أنّه هل يمكن انفكاك نيّة طلب الولد عن الدخول أم لا؟ فقال(ع): لا ينفكّ الدخول عن هذه النيّة وليس طلب الولد متوقّفاً على الإنزال في فرجها، وعليه فلا مفهوم لهذه القضيّة الشرطيّة.
وبعبارة أُخرى: فالأخذ بمفهوم القضيّة الشرطيّة متوقّف على تماميّة مقدّمات الحكمة، وقد تقدّم في مباحث الأُصول أنّ الجملة الشرطيّة إذا كانت متعلّقة بمقام الإثبات فمقدّمات الحكمة غير تامّة فيها، وحيث إنّ الذي كان الإمام(ع) بصدد بيانه أمر إثباتيّ فلا يمكن التمسّك بمفهوم الجملة الشرطيّة المذكورة.
وسائر ما يرد على شرطيّة الدخول للحوق الولد كما يلي:
ثانياً: إنّ الإجماع الذي ادّعاه صاحب الجواهر لو سلّمنا به، فهو معقود على أنّ مجرّد الوطء يسبّب لحوق الولد، لا أنّ الولد لا يلحق الزوج بعدم الوطء.
ثالثاً: لو سُلّم بأنّ الولد يلحق الزوج مع إمكان حمل الزوجة منه، فما هو وجه اعتبار الدخول شرطاً للحوق الولد حتّى نواجه فيما بعد مشكلة في توجيهه في هذا الخصوص؟
رابعاً: لحوق الولد بالزوج فيما إذا أمكن ذلك لا يسبّب إحراز الدخول، ولذلك لا يمكن فيما ترتّب على الدخول أثر آخر أن نرتّب ذلك الأثر بمجرّد لحوق الولد به.
فمثلاً إذا تزوّج رجل من امرأة لها بنت من زوج سابق ثمّ صار له ولد منها وشكّ بأنّه هل دخل بها أم لا، فإنّ الولد يُلحق به وإن لم يُحكم بحرمة الربيبة عليه، فإذا طلّق تلك المرأة أو ماتت، كان له أن يتزوّج بنتها.
خامساً: لم يرد في كلام المحقّق أنّ العلم بعدم الدخول يسبّب الحكم بعدم الدخول، وإنّما اعتبر عدم الدخول موجباً للحكم بعدم اللحوق.
نعم، طرح صاحب الجواهر المسألة في كتاب اللعان بهذا النحو: «لا يثبت اللعان بإنكار الولد حتّى تضعه تامّاً لستّة أشهر فصاعداً من حين احتمال وطئها.»[3]
ولكن كما قلنا فاحتمال الوطء أيضاً ليس معتبراً في لحوق الولد، بل مجرّد احتمال لحوق الولد بالزوج يكفي في لحوقه به، والدليل عليه ـ كما تقدّم في كلمات صاحب الجواهر ـ هو قاعدة: «الولد للفراش وللعاهر الحجر».
غير أنّه ينبغي الالتفات إلى أنّ القاعدة بصدد بيان أمرين:
1 ـ إثبات الولد للفراش.
2 ـ نفي الولد عن غير ذي الفراش.
والدلالة الثانية للقاعدة ـ كما تقدّم سابقاً في البحث عن أسباب التحريم ـ متعلّقة بما إذا كان هناك فراش، وإلا فلا يمكن الحُكم بانتفاء النسبة بين الزاني وولد الزنا بواسطة هذه القاعدة فيما إذا لم يكن هناك فراش أو عُلم بتكوّن الولد من الزنا على الرغم من وجود الفراش.
والحال أنّ الدلالة الثانية للقاعدة مطلقة، وسنبيّن وجهها في الجلسة اللاحقة إن شاء الله.