بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/06/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: أحكام الأولاد / شروط إلحاق الولد/ الدخول

 

قال المحقّق الحلّي: «النظر الرابع: في أحكام الأولاد

وهي قسمان:

الأوّل: في إلحاق الأولاد والنظر في الزوجات والموطوءات بالملك والموطوءات بالشبهة

الأوّل: أحكام ولد الموطوءة بالعقد الدائم

وهم يلحقون بالزوج بشروط ثلاثة: الدخول، ومضيّ ستّة أشهر من حين الوطء، وأن لا يتجاوز أقصى الوضع، وهو تسعة أشهر على الأشهر.

وقيل: عشرة أشهر، وهو حسن يعضده الوجدان في كثير.

وقيل: سنة، وهو متروك.

فلو لم يدخل بها لم يلحقه. وكذا لو دخل وجاءت به لأقلّ من ستّة أشهر حيّاً كاملاً. وكذا لو اتّفقا على انقضاء ما زاد عن تسعة أشهر أو عشرة من زمان الوطء، أو ثبت ذلك بغيبة متحقّقة تزيد عن أقصى الحمل. ولا يجوز له إلحاقه بنفسه والحال هذه.»[1]

المطلب الأوّل: شروط إلحاق الولد

الشرط الأوّل: الدخول

في اعتبار الدخول للحوق الولد بحثان:

1 ـ هل الدخول شرط لازم للحوق الولد بحيث لا يمكن لحوق الولد بانتفائه؟

2 ـ هل المعتبر مجرّد الدخول أم الدخول مع الإنزال في الفرج؟

قال صاحب المدارك في المسألة الأُولى: «يلحق بالزوج بشروط ثلاثة:

أحدها: الدخول، فلو لم يدخل بالزوجة لم يلحق به الولد.»[2]

وقال صاحب الجواهر: «فلو لم يدخل بها لم يلحقه إجماعاً بقسميه ونصوصاً.»[3]

أقول: لو سُلّم بهذه الدعوى فينتج عنها أنّ إمكانيّة الحُكم بلحوق الولد تتطلّب إحراز الدخول، ومن دونه لا يمكن إلحاق الولد بالزوج؛ فمثلاً إذا مات الزوج بعد النكاح ثمّ ولدت زوجته بعد مدّة، فوراثة الولد للزوج تتطلّب إحراز أنّ الزوج قد دخل بزوجته قبل الوفاة، والحال أنّ الاستصحاب ينفي ذلك. وكذا فيما إذا لم يتذکّر الزوج أنّه هل دخل بها أم لا لعروض النسيان، فلا يمكنه أن ينسب أولادها إلى نفسه.

غير أنّ صاحب الجواهر قال دفعاً لهذا الإشكال: «نعم، قد يقال بعدم اعتبار العلم بالدخول مع ولادتها ما يمكن تولّده منه، تغليباً للنسب، ول‌قوله(ص): «الولد للفراش»، فإنّ المراد به الزوج أو المرأة على تقدير مضاف ـ أي ذي الفراش ـ وعلى التقديرين يقتضي اللحوق، خرج منه ما علم عدم الدخول لما عرفت ويبقى غيره، وحينئذٍ يكون الأصل بعد وقوع العقد لحوق الولد بالزوج مع الإمكان.

ولا ينافي ذلك ذكر الدخول في عبارة المصنّف وغيره بعنوان الشرطيّة المقتضية للشكّ في المشروط بالشكّ بها، فإنّ الأصل الشرعيّ المزبور طريق للحكم بتحقّقها بالنسبة إلى الإلحاق المذكور.

ومن هنا فرّع المصنّف وغيره على الاشتراط المزبور العلم بعدم الدخول، لا الولادة الممكنة اللحوق مع عدم العلم بالدخول.»[4]

ولكنّ الإشكال الذي يمكن إيراده على طرح المسألة على النحو المتقدّم وكذا على توجيهات صاحب الجواهر هو:

أولاً: لم يرد في أيّ رواية اشتراط وطء الزوجة للحوق الولد، بل ورد خلافه في بعض الأخبار:

منها: خبر أبي البختري عن جعفر عن أبيه(ع): «أنّ رجلاً أتى علي بن أبي طالب(ع) فقال: إنّ امرأتي هذه جارية حدثة وهي عذراء‌، وهي حامل تسعة أشهر، ولا أعلم إلا خيراً، وأنا شيخ كبير ما افترعتها، وإنّها لعلى حالها. فقال علي(ع)‌: نشدتك الله هل كنت تهريق على فرجها؟ ...وقد ألحقت بك ولدها.»[5] [6]

ومنها: ما نقله المفيد في الإرشاد: «أنّ امرأة نكحها شيخ كبير فحملت، فزعم الشيخ أنّه لم يصل إليها وأنكر حملها، فالتبس الأمر على عثمان وسأل المرأة هل اقتضّك الشيخ؟ ـ وكانت بكراً ـ فقالت : لا، فقال عثمان: أقيموا الحدّ عليها. فقال أمير المؤمنين(ع): إنّ للمرأة سَمّين: سمّ المحيض وسمّ البول، فلعلّ الشيخ كان ينال منها فسال مائه في سمّ المحيض فحملت منه، فاسألوا الرجل عن ذلك. فسئل فقال: قد كنت أُنزل الماء في قبلها من غير وصول إليها بالاقتضاض. فقال أمير المؤمنين(ع): الحمل له والولد ولده، وأرى عقوبته على الإنكار له. فصار عثمان إلى قضائه بذلك وتعجّب منه.»[7] [8]

وسنطرح بقيّة الإشكالات في الجلسة القادمة إن شاء الله.


[1] شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام -ط اسماعیلیان)، المحقق الحلي، ج2، ص284.
[2] نهاية المرام في تتميم مجمع الفائدة والبرهان، الموسوي العاملي، السيد محمد بن علي، ج1، ص432.
[3] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج31، ص229.
[4] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج31، ص229.
[5] قرب الإسناد - ط الحديثة، الحميري، أبو العباس، ج1، ص149.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج21، ص378، أبواب احکام الاولاد، باب16، ح1، ط آل البيت.
[7] الإرشاد، الشيخ المفيد، ج1، ص210.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج21، ص379، أبواب احکام الاولاد، باب16، ح2، ط آل البيت.