بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/06/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: القسم، النشوز، الشقاق / الشقاق/ جواز کون الحَكَمين من أهل الزوجين - شروط الحَكَم الذي يتمّ اختياره

 

النكتة السادسة: هل يجب أن يكون الحَكَمان من أهل الزوجين؟

الظاهر من الآية الشريفة اشتراط ذلك، غير أنّه تقدّم عن المحقّق عدم اشتراطه وأنّه يجوز أن يتمّ اختيارهما من غير أهلهما.

قال صاحب المسالك في هذا الشأن: «هل يشترط كون الحكمين من أهل الزوجين بمعنى كون المبعوث من قبلها من أهلها والمبعوث من قبله من أهله‌؟ قولان، منشؤهما دلالة ظاهر الآية على كونهما من أهلهما، فلا يتحقّق امتثال الأمر بدونه، مؤيّداً بأنّ الأهل أعرف بالمصلحة من الأجانب، ومن أنّ القرابة غير معتبرة في الحكم ولا في التوكيل وأمرهما منحصر في الأمرين، ولحصول الغرض بهما أجنبيّين، والآية مسوقة للإرشاد فلا يدلّ‌ الأمر على الوجوب ـ من قبيل (وَأَشْهِدُوا إِذٰا تَبٰايَعْتُمْ‌)[1] ـ وهذا هو الأشهر، وهو الذي قطع به المصنّف والأكثر.

ولو تعذّر الأهل فلا كلام في جواز الأجانب.»[2]

غير أن صاحب الرياض فصّل في المسألة وقال: «يجوز أن يكونا ـ أي الحكمان ـ أجنبيّين، إمّا مطلقاً ـ كما هو ظاهر المتن وفاقاً منه لمن مضى ـ أو مقيّداً بعدم الأهل، كما هو الأقوى.

لكن مع ذلك ليس لهما حكم المبعوث من أهلهما من إمضاء ما حكما عليهما، لمخالفته الأصل، فيقتصر فيه على مورد النصّ‌، ويكون حكمهما حينئذٍ الاقتصار على ما أذن به الزوجان وفيه وكّلا، وليس لهما من التحكيم الذي هو حكم الحكمين كما يأتي شيء جدّاً.

وفي حكم فقد الأهل توقّف الإصلاح على الأجنبيّين.»[3]

أشكل صاحب الجواهر على صاحب الرياض وقال: «هو من غرائب الكلام يمكن دعوى الإجماع على خلافه، مضافاً إلى ظهور النصوص في الآية في عموم الحكم للزوجين ذي الأهل وغيرهم. على أنّ التقييد الذي ذكره معناه مضيّ حكم الأجنبيّ وصيرورته كالأهل مع عدمهم، وإلا فالتوكيل لا ريب في جوازه مع وجود الأهل فضلاً عن حال عدمهم.»[4]

والحقّ تماميّة استدلال صاحب المسالك على جواز كون الحَكَمين من غير أهل الزوجين، كما أنّ إشكال صاحب الجواهر وارد على صاحب الرياض.

النكتة السابعة: ما شروط الحَكَم الذي يتمّ اختياره؟

قال الشيخ في المبسوط: «يكون الحكمان حرّين ذكرين عدلين.»[5]

وقال الشهيد الثاني: «يشترط فيهما البلوغ والعقل والإسلام والاهتداء إلى ما هو المقصود من بعثهما. وأمّا العدالة والحريّة، فإن جعلناهما حكمين اعتبرا قطعاً، وإن جعلناهما وكيلين ففي اعتبارهما وجهان، أجودهما العدم، لأنّهما ليسا شرطاً في الوكيل. ووجه اشتراطهما عليه أنّ الوكالة إذا تعلّقت بنظر الحاكم اشترط فيها ذلك كأمين الحاكم.»[6]

كما قال صاحب الجواهر في هذا الخصوص: «ولا ريب في اشتراط البلوغ والعقل والاهتداء إلى ما هو المقصود من بعثهما. قيل: والإسلام، وهو جيّد فيما كان الشقاق بين المسلمين، أما غيرهم فلا يخلو من نظر.

وأمّا العدالة والحرّيّة ففي المسالك... وفيه إمكان منع اعتبار ذلك على الأوّل أيضاً، وما دلّ على اعتبارهما في الرئيس العامّ لا يقتضيه في مثل المقام المجبور بنظر الرئيس.»[7]

وسندرس نتيجة المسألة في الجلسة القادمة إن شاء الله.


[1] ـ سوره بقره، آيه 284.
[2] ـ مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، الشهيد الثاني، ج8، ص366.
[3] ـ رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج12، ص100.
[4] ـ جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج31، ص213.
[5] ـ المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج4، ص340.
[6] ـ مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، الشهيد الثاني، ج8، ص367.
[7] ـ جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج31، ص214.