بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/05/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: القسم، النشوز، الشقاق / الشقاق/ الأمر بالبعث متوجه الی عامّة المومنين

 

بناءً على ما ذكرناه سابقاً، ينبغي أن نقول في المأمور بالبعث: إنّ الأمر بالبعث في الآية الشريفة متوجّه إلى المؤمنين عامّةً ـ كما تقدّم في كلمات الفخر الرازي ـ كما أنّ الأمر بإصلاح ذات البين فيما إذا تنازعت طائفتان من المؤمنين متوجّه إلى العموم. غير أنّ من الواضح أنّه إذا كان أحد أولى عرفاً بالتدخّل في نزاع الزوجين وحلّ خلافهما بسبب قرابة منهما أو معرفة بهما ـ مثل أهل كلّ منهما وطائفته ـ فيتوقّع منه في الدرجة الأُولى أن يتدخّل في الموضوع ويبعث الحَكَم، ولعلّ ذکر كون الحَكَم من أهل الزوجين في الآية الشريفة للإشارة إلى هذا المعنى.

وعليه فهذا الأمر متوجّه في الدرجة الأُولى إلى أقرباء الزوجين وأهلهما وطائفتهما، وفي الدرجة الثانية بمعاريفهما، وأخيراً متوجّه إلى عامّة المؤمنين، وما تقدّم في خبر عَبيدة قد يكون مؤيّداً لهذه الدعوى.

ولكن إذا انتهى الزوجان بأنفسهما ومن دون تدخّل الآخرين إلى أنّ يختارا حَكَماً لرفع النزاع، فهذا لا يناقض ما ورد في الآية الشريفة، إذ تقدّم أنّ الأمر ببعث الحَكَم أمر إرشادي وليس مطلوباً في حدّ نفسه، وعليه فإذا تمّ رفع النزاع باختيار الزوجين لتعيين الحَكَم، فلا وجه لاعتباره منافياً لحكم الشرع.

ولذلك قال الشيخ في النهاية: «لا بأس أن يبعث الرجل حكماً من أهله وتبعث المرأة حكماً من أهلها، ويجعلا الأمر إليهما على ما يريان من الصلاح.»[1]

وقال كاشف اللثام تأييداً لدعوى المحقّق في النافع: «وهو حقّ‌، ولا يستلزم أن يكون الخطاب في الآية للزوجين ليستبعد ولا ينافيه ظاهرها، فإنّ‌ من المعلوم أنّ‌ بعثهما الحكمين جائز وأنّه أولى من الترافع إلى الحاكم. وكذا إذا بعث أولياؤهما الحكمين، مع احتمال الخطاب في الآية لهم عموماً أو خصوصاً، والبعث منهم أو منهما أيضاً ينقسم إلى الواجب وغيره كما في بعث الحاكم. واقتصر في النهاية على نفي البأس عن بعث الزوجين.

وبالجملة ينبغي أن لا يكون في جواز البعث من كلّ‌ من هؤلاء ووجوبه إذا توقّف الإصلاح عليه، خصوصاً على الحاكم والزوجين، ولا ينشأ الاختلاف في الآية لاختلاف في ذلك.»[2]

غير أنّ تأييد كاشف اللثام لدعوى المحقّق في النافع وما ذكره في نهاية الكلام بالنسبة إلى توجّه الوجوب إلى الزوجين، غير مقبول واختلاف دعوى المحقّق عن دعوى الشيخ في النهاية سنبيّنه في الجلسة القادمة إن شاء الله.


[1] ـ النهاية، الشيخ الطوسي، ج1، ص531.
[2] ـ كشف اللثام و الإبهام عن قواعد الأحكام، الفاضل الهندي، ج7، ص521.