46/05/21
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: القسم، النشوز، الشقاق / الشقاق/ الروايات التي يمکن ان يستدل بها علی قول ابن الجنيد
كان بحثنا في أنّه مَن المخاطب بالأمر ببعث الحَكَم في الآية الشريفة؟ ونقلنا في الجلسة السابقة كلمات الأصحاب في هذا الشأن.
وأمّا الخبر الذي ورد في كلمات صاحب المسالك الذي قد يكون إشارة إلى دعوى ابن جنيد فهي: موثّقة سمَاعة، قال: «سألت أبا عبدالله(ع) عن قول الله عزّ وجلّ: (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهٰا) أرأيت إن استأذن الحكمان فقالا للرجل والمرأة: أليس قد جعلتما أمرکما إلينا في الإصلاح والتفريق؟ فقال الرجل والمرأة: نعم، فأشهدا بذلك شهوداً عليهما، أيجوز تفريقهما عليهما؟ قال: نعم...»[1] [2]
ولكنّ هذه الموثّقة ليست ناظرة إلى باعث الحَكَمين وإنّما تدلّ على أنّ الحكَمين إذا كانا قد استأذنا الزوجين بعد البعث، فحُكمُهما بالطلاق نافذ، وهذا ما سنتطرّق إليه لاحقاً إن شاء الله. ولذلك فإنّ الذي ذكره صاحب المسالك بعد ذلك من أنّ موثّقة سماعة قد تدلّ على أنّ باعث الحكمين هما الزوجين أيضاً، فليس بصحيح.
والرواية التي قد تكون مستنداً لدعوى ابن جنيد هي ما ورد في تفسير العيّاشي عن محمّد بن سيرين عن عَبيدة، قال: «أتى عليّ بن أبي طالب(ع) رجل وامرأة مع كلّ واحد منهما فئام من الناس، فقال(ع): ابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها...»[3] [4]
غير أنّها ضعيفة السند ولم يفت الأصحاب بناءً عليها لكي يجبر به الضعف، على أنّها متعلّقة بقضيّة خارجيّة وقد يكون أمر الإمام(ع) ببعث الحَكَم تذكيراً لهما بوظيفتهما لا أن يكون بعث الحكَم متوقّفاً على أمره(ع).
وليس في سائر روايات الباب ما يمكن الاستناد إليه وتعيين من تقع وظيفة بعث الحكَم على عهدته.
وأمّا الذي ذكره الشيخ في التبيان ـ من أنّ ظاهر أخبارنا أنّ بعث الحكَم من وظائف الحاكم ـ فهو مستند إلى فهمه للأخبار التي سيأتي ذكرها لاحقاً ونحن نرى أن هذه الأخبار لا دلالة فيها على ذلك. ودعوى وجود أخبار عنده ممّا يدلّ على مطلوبه وأنّه إنّما ادّعى ذلك بناءً عليها، فلعدم ذكر ما يدلّ على هذا المعنى ضمن المجاميع الروائيّة التي ألّف الشيخ نفسه اثنين منها فلا يمكن القول بوجودها في هذا الموضوع.
وعليه فمن دون وجود أخبار واردة في تفسير الآية الشريفة، ينبغي أن يبنى على ظاهر الآية ممّا سنبحث عنها قادماً إن شاء الله.