بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

1446/05/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: القسم، النشوز، الشقاق / النشوز / تفسير صاحب الرياض من آية «وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً»

 

جرى البحث في أنّ الزوج إذا ضيّق على زوجته بفعل محرّم، فهل يصحّ مصالحة الزوجة له وتنازلها عن بعض حقوقها إزاء توقّفه على أفعاله اللامشروعة؟

قال صاحب الرياض بعدما ذكر الأخبار الواردة في تفسير الآية الشريفة: «ليس فيها كالآية المفسّرة بها دلالة على عموم الحكم من جواز الصلح ببذل حقّها لما لو أخلّ‌ الزوج ببعض حقوقها الواجبة أو كلّها، لظهور سياقها فيما قدّمناه.

نعم، جاز له القبول هنا لو بذلته بطيب نفسها لا مطلقاً؛ للأصل، وفقد الصارف عنه، وهذا هو ظاهر العبارة والأكثر.

وربما منع من جوازه هنا، لما قدّمناه من اختصاص الآية والنصّ‌ بالأوّل، ولقبح تركها الحقّ‌ من دون عوض بناءً‌ على لزومه عليه من دونه.

وفيهما نظر؛ إذ اختصاص الكتاب والسنّة بما ذكر لا يوجب المنع عن جريان الحكم الذي فيه في غيره بعد قضاء الأصل به.

والقبح ممنوع، حيث يرجى حصول الحقوق الواجبة التي أخلّ‌ بها بالبذل، فتكون هي العوض الحاصل بالبذل، ولزومه عليه غير ملازم للزوم صدورها عنه حتّى ينتفي العوض حين البذل.

ثمّ على تقديره، يصحّ‌ منع القبح أيضاً، كيف لا؟! ويجوز لها إبراء ذمّة زوجها عن حقوقها بعضاً أو كلاً ابتداءً‌ مطلقاً جدّاً.

وبالجملة: لا وجه لتعليل المنع من الجواز بنحو هذا بعد طيبة نفسها في بذلها.

ومنه يظهر الجواز فيما لو بذلته بطيبة نفسها بعد إكراهها عليه، وإن أطلق الأصحاب المنع حينئذٍ، ويمكن حمل إطلاقهم على ما لو لم تطب نفسها بالبذل كما هو الغالب. مع أنّ‌ فرض طيبة النفس حينئذٍ لا يجامع الإكراه، فتأمّل جدّاً.»[1]

وقال صاحب الجواهر في بيان المعنى المراد من الآية بحسب الأخبار: «إنّها جميعاً كما ترى متّفقة على جواز قبوله ما تبذله له من حقوقها في مقابلة ما يريد فعله معها ممّا هو غير محرّم عليه، كطلاق ونحوه، لا أنّه جائز له وإن كان لدفع ما يفعله ممّا هو محرّم عليه.»[2]

أقول: الحقّ إمكان الالتزام بدعوى صاحب الرياض من أنّ الآية الشريفة وإن لم تدلّ على مورد تسبّب الزوج بفعل محرّم بمصالحة الزوجة له على حقوقها، غير أنّ مقتضى القاعدة أنّ المصالحة مادامت برضا الزوجة، فلا يمكن الحكم بفسادها، وإن تسبّب الزوج برضاها بفعل محرّم.

نعم، لو لم يكن للزوجة مناص إلا المصالحة ـ كما لو لم يمكنها الرجوع إلى الحاكم لإحقاق حقّها بسبب ما ولم تجد سبيلاً آخر له ـ بحيث لو كان لها سبيل آخر لم ترض بالمصالحة أبداً، فالمصالحة في هذه الصورة لم تقم على رضاها، وإنّما أُكرهت عليه فلا تصحّ. وعليه فعلى الرغم من عدم المانع من بذل الزوجة للعوض لإحقاق حقّها في هذه الصورة، غير أنّ أخذه يحرم علی الزوج.

 


[1] ـ رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج12، ص96.
[2] ـ جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج31، ص209.