46/05/02
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: القسم والنشوز والشقاق / النشوز / الإحتمالات المتصوّرة في معنی الضرب
بالنظر إلى ما تقدّم إلى هاهنا في المعنى المراد من الضرب في الآية الشريفة، تحتمل عدّة أُمور في هذا الخصوص:
1 ـ المراد من الضرب هو الفعل الجسماني الجائز في جميع موارد النشوز، غير أنّه ينبغي فعله بحيث لا يوجب دية ولا قصاصاً.
2 ـ لا يجوز ضرب الزوجة إلا فيما إذا صدر منها نشوز خاصّ، أي خانت زوجها أو أدخلت أجنبيّاً في حريمه ممّن لا يرضى الزوج بدخوله، حيث ينبغي أن يكون الضرب كما ذكر في الاحتمال الأوّل، ويمكن القول أنّه من باب الدفاع عن العِرض.
3 ـ المراد من الضرب هو حرمان الزوجة من حقوقها.
وعليه فينبغي بناءً على قوّة القرائن المتقدّمة أن نختار المعنى الثالث، أو أن نقول بإجمال الآية فيما لم نسلّم بقوّة القرائن، أمّا إذا لم نقبل بإجمال الآية بناءً على كون الضرب هو الظهور الأوّلي للآية، فبناءً على ما قلناه من لزوم أن لا يكون الضرب بحيث يحدث أثراً على جسد المرأة ـ خاصّة مع ملاحظة أنّ الشيخ الصدوق أيضاً بيّن في «من لا يحضره الفقيه» لزوم كون الضرب بعودة السواك، وإن لم ينسبه إلى رواية[1] ـ فيمكن القول بأنّ المراد من الضرب في الحقيقة هو أن تعرف الزوجة بنحو أو آخر غضب الزوج وسخطه لتترك نشوزها بذلك. وبعبارة أُخرى: فالمراد من الضرب هو التهديد بحيث يمنع الزوجة من النشوز، لأنّ الضرب الذي لا يؤثّر على جسد الزوجة فهو يکون تهديداً أكثر من أن يحتسب ضرباً عند العرف.
نعم، قال المولى محمد تقي المجلسيّ قال في هذا السياق: «الضرب بالسواك رواه الطبرسي عن أبي جعفر(ع)، والمصنّف أيضاً لا يقول إلا من الخبر، وهو نوع ملاطفة لدفع نشوزها.»[2]
غير أنّ حمل العبارة على التهديد أفضل من تفسيره بنوع من الملاطفة.
وعليه فإذا أمكن التهديد بفعل آخر غير الضرب واحتمل تأثيره أكثر من الضرب فهو جائز.
وينبغي الالتفات إلى أنّ الآية الشريفة لا تحاول تجويز عنف الرجل ضدّ المرأة، وإنّما تحاول تقنين العلاقة الزوجية والحدّ من العنف فيها، لأنّ العنف بين الزوجين أمر موجود في الواقع الخارجيّ في المجتمعات الإسلاميّة وغيرها، ويحاول الشارع أن يقلّل ردود الفعل الجسمانيّة إلى أُمور لا تؤدّي إلى الإضرار بالزوجة، فمعلوم أنّ حذف العنف وإن كان مطلوباً ويمكن اعتباره متعلّقاً لأمر أخلاقي، ولكن بما أنّه لا يمكن توقّع التعامل الأخلاقي من الجميع وأنّ بناء القوانين ـ سواء البشريّة منها أو الشرعيّة ـ في الحدود الأخلاقيّة معناه القبول بعدم التزام عامّة الناس بتلك القوانين، فتقنين العلاقات يحتاج ـ مع الاحتفاظ بقاعدة لزوم الاقتصار بالحدّ الأدنى من المحدوديّات المفروضة بالقانون ـ إلى أن تنتظم العلاقات في حدّ مقبول، وهو ما تمّ مراعاته ضمن الآية الشريفة بحسب المعنى المقدّم منها.