46/04/25
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: القسم والنشوز والشقاق / النشوز / التأديب، غاية الوعظ والهجر والضرب
تبيّن ممّا تقدّم حتّى الآن أوّلاً: أنّه مادام النشوز غير متحقّق فلا وجه للأُمور الثلاثة المذكورة وإن لم يكن مانع من الوعظ في حدّ ذاتها، وثانياً: بعد تحقّق النشوز فللزوج أن يبدي ردّة فعل مناسبة إزاء نشوز الزوجة مع مراعاة الترتيب بين هذه الثلاثة.
وعليه فلا وجه لسائر التفاصيل المذكورة في المسألة من قبيل أنّ المورد الأوّل متعلّق بخوف النشوز والثاني والثالث متعلّقان بتحقّق النشوز، أو أنّ المورد الأوّل والثاني متعلّقان بالخوف والثالث بالنشوز، أو أنّ جميعها متعلّقة بالخوف.
كما أنّه لا وجه للدعوى الذي سبق في كلمات المحقّق من أنّه يمكن الضرب بمجرّد تحقّق النشوز دون مراعاة الوعظ والهجر بحجّة أنّ الموردين الأوّلين متعلّقان بخوف النشوز والضرب متعلّق بتحقّقه.
3 ـ يُعلم بالنظر إلى ما ورد في ذيل الآية الشريفة أنّ الغاية من الأُمور الثلاثة المذكورة فيها هي تأديب الزوجة لتحقيق النتيجة المذكورة في الآية ـ أي رجوعها إلى طاعة الزوج ـ لا أن يهجرها الزوج أو يضربها تشفّياً أو عقوبة وتعزيراً.
والفرق بين الحالتين أنّه لو اعتبرنا الغاية من الأُمور الثلاثة رجوع الزوجة عن نشوزها، فالهجر والضرب في هذه الصورة إنّما يجوزان إذا احتمل تأثيرهما في هذه الجهة، وأمّا إذا لم يحتمل تسبيب الهجر والضرب برجوعها إلى طاعة الزوج، أو احتمل تشديد المشكلة وبروز مانع في طريق رجوعها، فلا يجوزان في هذه الصورة، بينما لو كانا من باب التعزير لكانا جائزين للزوج على كلّ حال.
4 ـ الأمر في الآية الشريفة لكونه في مقام توهّم الحظر فإنّه يُحمل على الجواز، على أنّه بسبب كون الغاية من هذه الأعمال رجوع الزوجة إلى طاعة الزوج ومراعاة حقوقه فلا وجه لإيجاب إرجاع الزوج للزوجة إلى طاعته، لأنّ الحقوق الزوجية قابلة للإسقاط.
5 ـ وأمّا بخصوص أنّه كيف ينبغي أن يکون وعظ الزوج للزوجة، ففي كلمات الأصحاب ذکرت طرق مختلفة له، لكن لا وجه للبحث فيها، لأنّ الوعظ من الأُمور العرفيّة التي تختلف كيفيّاتها بحسب الموارد والظروف المختلفة.
ولكن ينبغي التدقيق في أنّ المراد من الوعظ ليس مجرّد بيان الحكم الشرعيّ والتحذير من عواقب مخالفته، بل ربّما اعتبر التحريض والتلطيف من أقسام الوعظ أيضاً.
وبعبارة أُخرى: فإنّ الآية الشريفة لا تتضمّن التنبيه فقط، بل لا يبعد أن تشمل التحريض أيضاً، فالمستفاد من الوعظ أنّ كلّ كلام يمكن إرجاع الزوجة به عن عصيانها وتمرّدها إلى طاعته، فللزوج أن يستخدمه، ويؤيّده المعنى الذي ذكره الخليل للوعظ حيث قال: «هو تذكيرك إيّاه الخير ونحوه ممّا يرقّ له قلبه.»[1]
بل قد يكون الوعظ في بعض الموارد عمليّاً وليس بالضرورة كلاماً، کما أشارت إليه الآية الکريمة الواردة في بيان عذاب الذين عصوا ممنوعيّة الصيد يوم السبت من بني إسرائيل: ﴿فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾[2] .