بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/04/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: القسم، النشوز، الشقاق / القسم / اقامة الزّوج في بلد إحدی الزّوجات عشرة ايّام

 

قال المحقّق الحلّي: «التاسعة: لو كان له زوجتان في بلدين فأقام عند واحدة عشراً، قيل: كان عليه للأُخرى مثلها.»[1]

 

القائل بوجوب المماثلة في هذه المسألة هو الشيخ الطوسي الذي قال في المبسوط: «إذا كان للرجل امرأتان فأسكن كلّ واحدة منهما بلداً فأقام عند واحدة منهما مدّة، كان عليه أن يقيم عند الأُخرى مثل تلك المدّة.»[2]

وقد تقدّم ذكر دعوى العلامة التي كانت تشبه ذلك.[3]

ولكن ـ كما تقدّم منّا ـ بما أنّ الزوج مادام في السفر عن إحدى زوجاته فليس لها حقّ القسم وأنّ الدليل على ثبوت حقّ القسم ليس وجوب مراعاة العدالة بينهنّ، فلا وجه للزوم المماثلة في هذا الفرض، إذ لم يكن للزوجة الثانية في المدّة التي بات فيها لدى الأُولى حقّ القسم، كما لم يكن للأُولى حقّ القسم عندما بات عند الثانية. نعم، من الصحيح أنّه لا ينبغي أن يتعامل الزوج مع الزوجة بحيث يخالف معاشرتها بالمعروف أو يذرها كالمعلّقة، غير أنّ ذلك لا علاقة له بحقّ القسم.

ثمّ إنّ الوجه الذي ذكره صاحب المسالك لترديد المحقّق في المسألة، حيث قال: «وجهه ما علم من أنّ للزوج مع الاثنتين نصف الدور، فينبغي أن يكون له من العشر نصفها، ولكلّ‌ واحدة منهنّ‌ ربع، فلا يلزمه للثانية إلا ليلتان ونصف.»[4] فهو غير صحيح، بل ينبغي أن يقال: لو سلّمنا بأنّ الأيّام التي قضاها الزوج حال السفر عند إحدى زوجاته كانت متعلّقة لحقّ زوجة أُخرى، ففي هذه الصورة بما أنّ الليالي العشر المذكورة مكوّنة من دورتين ونصفاً وللزوج في كلّ دورة ليلتين يحقّ له أن يقضيها عند أيّة واحدة من الزوجات، فإنّ خمس ليال من العشرة متعلّقة بالزوج نفسه وثلاث متعلّقة بالزوجة التي بات عندها، وليس للزوجة الأُخرى إلا ليلتين. وعليه فعندما يذهب الزوج إلى زوجته الأُخرى، يجب عليه أن يبيت عندها ليلتين فضلاً عن الليلة من كلّ أربع ليال قضاءً لحقّها حيث بات عند الزوجة الأُخرى حال السفر.

هذا فيما إذا لم يُجعل حقّ القسم بين الزوجتين عشراً عشراً الذي يکون الظاهر من كلام المحقّق في المسألة أيضاً.

قال المحقّق الحلّي: «العاشرة: لو تزوّج امرأة ولم يدخل بها فأقرع للسفر فخرج اسمها، جاز له مع العود توفيتها حصّة التخصيص، لأنّ ذلك لا يدخل في السفر، إذ ليس السفر داخلاً في القسم.»[5]

 

بحثنا هذه المسألة ضمن المطالب السابقة وقلنا أنّ الشيخ قال في المبسوط: «إذا كانت له زوجة فتزوّج أُخراوين فزفّتا إليه، فقد ثبت لكلّ واحدة منهنّ سهمها من القسم بحقّ العقد، سبع للبكر وثلاث للثيب. فإن أراد سفراً نظرت؛ فإن لم يسافر بهنّ فلا كلام، وإن أراد أن يسافر بواحدة منهنّ فلابدّ من القرعة، فإن خرج سهم إحدى الجديدتين فسافر بها، دخل حقّ العقد بكونها معه في السفر، لأنّه وفّى حقّ العقد، لأنّ القصد كونها معه وأُنسه بها لتزول الحشمة، والسفر قد حصل هذا فيه.»[6]

وقلنا: إنّ دعوى الشيخ ـ من إمکان أداء الزوج حقّ زفاف الزوجة حين السفر حيث لم يجب عليه أن يبيت عندها بعد الرجوع من هذا الباب ـ صحيحة، لأنّ حقّ الزفاف وحقّ القسم حقّان مستقلان لا علاقة لهما ببعض، ولا يستفاد من الأدلّة اختصاص حقّ الزفاف بحال السفر، خلافاً لحقّ القسم الذي قد يستفاد ذلك بالنسبة إليه.

وعليه فلا يمكن الالتزام بما ذكره المحقّق في هذه المسألة، على أنّه لا وجه للقول بالجواز أيضاً، بل إذا قلنا بأنّ الزوج حين السفر لا يؤدّي حقّ الزوجة وارتأينا لزوم قضاء حقّها، فيجب على الزوج أن يؤدّي حقّها بعد الرجوع منه.

انتهى هاهنا بحث حقّ القسم وسنتطرّق إلى بحث النشوز من الجلسة القادمة إن شاء الله.


[1] شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام (ط اسماعیلیان)، المحقق الحلي، ج2، ص282.
[2] المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج4، ص332.
[3] قواعد الأحكام، العلامة الحلي، ج3، ص95.
[4] مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، الشهيد الثاني، ج8، ص352.
[5] شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام (ط اسماعیلیان)، المحقق الحلي، ج2، ص282.
[6] المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج4، ص334.