بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/04/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: القسم، النشوز، الشقاق / القسم / طلاق الزوجة قبل اداء حق القسم

 

ذكرنا في الجلسة السابقة ما ذكره الفقهاء العظام في عدم جواز طلاق الزوجة قبل أداء حقّ قسمها.

ولكن مقتضى التحقيق أنّه لا وجه لحرمة الطلاق في الفرض المذكور، لأنّ الواجب على الزوج هو أداء حقّ الزوجة، وعليه فإنّ الوجوب إنّما يتوجّه إليه في فرض بقاء الموضوع ـ أي الزوجيّة ـ وإذا أعدم الزوج الموضوع بالطلاق، لم يحصل تفويت للحقّ، وإنّما الموضوع الذي كان يوجّه الوجوب إلى الزوج قد زال على يده، ومعلوم أنّه لا مانع من إعدام موضوع الوجوب.

وبعبارة أُخرى: فإنّ ثبوت حقّ الزوجة ليس مطلقاً بالنسبة إلى آنات الليل التي لم تحن بعد، وهو إنّما مشروط ببقاء الزوجيّة في تلك الآنات على نحو الشرط المتأخّر، ولذلك إذا توفّت الزوجة قبل بدء الليلة أو في أثنائها، فهذا كاشف عن عدم ثبوت حقّ لها على الزوج بالنسبة إلى تلك الليلة أو الآنات المتبقيّة منها، لا أن يثبت حقّها ثم تتوفّى قبل استيفائه، وعليه فإذا أعدم الزوج الزوجيّة بالطلاق، فهو يكشف عن أنّ الزوجة لم يكن له حقّ بالنسبة إلى تلك الليلة، لا أن يسبّب الطلاق تضييع حقّها.

فتبيّن ممّا تقدّم أنّه لا وجه لإشكال صاحب المسالك على دعوى المحقّق، فإنّه قد قال في ردّ إشكال المحقّق على وجوب القضاء: «المصنّف تردّد في الوجوب ممّا ذكرناه، ومن خروجها عن الزوجيّة فتسقط الحقوق المتعلّقة بها.

وفيه: منع الملازمة بين الأمرين، ومن ثمّ‌ يبقى المهر وغيره من الحقوق الماليّة وإن طلّق، وتخصيص بعض الحقوق بالسقوط دون بعض لا دليل عليه.

فالقول بوجوب القضاء مطلقاً أقوى.»[1]

ويشكل هذه الدعوى بأنّه أوّلاً: إنّ الوجه في ترديد المحقّق في لزوم القضاء لم يكن لاحتماله لسقوط حقّ الزوجة بعد الطلاق، وإنّما من حيث إنّ الطلاق كاشف عن أنّه لم يثبت للزوجة حقّ منذ البداية بالنسبة إلی تلك الليلة.

وثانياً: إنّ حقّ القسم يختلف عن المهر والنفقة في أنّهما من الحقوق الماليّة، والأصل في الحقوق المالية أنّها تشغل الذمّة إلا إذا وجد دليل على خلافه ـ مثل نفقة الأقارب ـ بينما حقّ القسم ليس من الحقوق الماليّة ولزوم قضاء مثل هذه الحقوق هو الذي يحتاج إلى دليل، ولا دليل على وجوب قضاء خصوص حقّ القسم.

ثمّ إنّه لو اعتبرنا الطلاق موجباً لتضييع حقّ الزوجة، فلا فرق في أن يحدث الطلاق بعد حلول الليلة المتعلّق بها حقّ المرأة المطلّقة أو قبلها، إذ بناءً على القول بابتدائيّة حقّ القسم فإنّ مجرّد النكاح يعطي الزوجة هذا الحقّ ولو لم يحن ظرف أدائه، وفي هذه الصورة يحرم تطليقها على كلّ حال ـ مثل إزالة استطاعة الحجّ بعد حصولها وقبل حلول أشهر الحجّ ـ وفساد هذا المقال مستغنٍ عن البيان.

وفيما لم نعتبر حقّ القسم ابتدائيّاً، فإنّ مجرّد مبيت الزوج عند إحدى زوجاته يعطي سائر الزوجات حقّ القسم، وعليه فبناءً على القول بتضييع حقّ الزوجة بالطلاق قبل المبيت عندها، ينبغي القول بحرمة طلاق سائر الزوجات قبل أداء حقّ قسمهنّ وإن لم يحن دورهنّ لأداء حقّ القسم.

أمّا لو قلنا بأنّ طلاق الزوجة حرام في الفرض، فهل يلزم منه بطلان الطلاق؟

يأتي تفصيله في الجلسة القادمة إن شاء الله.


[1] مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، الشهيد الثاني، ج8، ص351.