46/04/11
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: القسم، النشوز، الشقاق / القسم / حق القسم في صورة نشوز احد الزوجات
تقدّم أنّه لا دليل على لزوم التدارك حتّى في صورة الظلم، وإن ادّعى الشهيد الثاني فيها عدم الخلاف في لزوم التدارك، وقال: «لا خلاف في وجوب القضاء لمن جار عليها في القسمة فأخلّ بليلتها، ولكنّ القضاء مشروط ببقاء المظلوم بهنّ في حباله، وبأن يفضل له من الدور فضل يقضي به. فلو كان عنده أربع فظلم بعضهنّ في ليلتها، فإن كان ظلمها بترك المبيت عندها وعندهنّ لم يمكنه القضاء، لاستيعاب الوقت بالحقّ على القول بوجوب القسمة دائماً، فيبقى في ذمّته إلى أن يطلّق واحدة منهنّ أو تنشز أو تموت ليرجع إليه من الزمان ما يمكنه فيه القضاء.»[1]
غير أنّه لا حجيّة لعدم الخلاف بل حتّى للإجماع في هذه الموارد، لوضوح أنّه غير كاشف عن قول المعصوم(ع)، وإنّما بُني على قواعد لا تصحّ عندنا.
قال المحقّق الحلّي: «السابعة: لو كان له أربع فنشزت واحدة ثمّ قسم خمس عشرة فوفّى اثنتين ثمّ أطاعت الرابعة، وجب أن يوفّي الثالثة خمس عشرة والتي كانت ناشزة خمساً، فيقسم للناشزة ليلة وللثالثة ثلاثاً خمسة أدواراً، فتستوفي الثالثة خمس عشرة والناشزة خمساً ثمّ يستأنف.»[2]
يترتّب حكم المسألة على ما سبق بيانه في كيفيّة تقسيم الليالي بين الزوجات في الفرض الذي يتزوّج الرجل في أثناء حقّ قسم الزوجات بزوجة جديدة ممّا لا يحتاج إلى تكرار.
غير أنّ الشهيد الثاني قال فيما كان حقّ قسم الزوجات أكثر من ليلة: «إن جعل القسم أكثر من ليلة، استوعب دور القسمة أو زاد عليه، لأنّ أقلّ النسوة المتعدّدات أن يكنّ اثنتين، فإذا جعل القسم بينهنّ ليلتين ليلتين استوعب حقّهما الدور، فيسقط حقّه من الزائد، لأنّه أسقطه بيده حيث اختار الزيادة.
ويحتمل بقاء حقّه بنسبة ما يبقى له من الدور، ففي المسألة تبقى له ليلة من الأربع، فيكون له ربع القسمة بمنزلة واحدة منهنّ، فإذا قسم لكلّ واحدة عشراً كان له بعد قضاء حقوقهنّ عشر.
وظاهر مذهب الأصحاب في هذه المسألة ونظائرها هو الأوّل. ويدلّ عليه أنّ ثبوت حقّه معهنّ وتفضيل بعضهنّ على بعض على خلاف الأصل، والدلائل العامّة من وجوب العدل والتسوية بينهنّ تدلّ على خلافه، فيقتصر فيه على مورد النصّ وهو ثبوت حقّه في الزائد عن عددهنّ في الأربع على تقدير أن يقسم بينهنّ ليلة ليلة، على ما في الرواية الدالّة من ضعف السند، ولولا ظهور اتّفاق الأصحاب عليه أشكل إثباته بالنصّ، وعامّة العلماء من غير الأصحاب على خلافه وأنّه متى قسم لواحدة عدداً وجب أن يقسم للأُخرى مثلها مطلقاً مع تساويهما في الحكم.»[3]
وقال صاحب الجواهر في ردّ دعواه: «لا ريب في ظهور النصّ المشتمل على الإشارة إلى الآية الكريمة ـ كما تقدّم سابقاً ـ أنّ للرجل حقّاً في القسم على نسبة الأربع، ضرورة عدم الخصوصيّة للأربع، ولا ينافي ذلك وجوب العدل والتسوية وعدم التفضيل، إذ ذلك كلّه خارج عن محلّ البحث الذي هو ثبوت حقّ لهنّ فيه وعدمه، فإنّه لو فرض استيفاء نصيبه بغير الاستمتاع بأحد منهنّ لم يكن منافياً للعدل ولا مفضّلاً ولا تاركاً للتسوية، وفتوى عامّة غير الأصحاب بخلافه ممّا يؤكّد حقيقته لا أنّه يوهنه بعد أن جعل الله الرشد في خلافهم، وإطلاق المصنّف وغيره في المسألة لا ينافي ذلك، لمعلوميّة إرادة القسم من ذلك، بل كاد يكون صريح كلامهم، خصوصاً بعد عدم سوقه لمحلّ البحث كما هو واضح.
فلا ريب في أنّ المتّجه أنّ له حقّاً على حسب نسبة الأربع.»[4]
والحقّ ما ذهب إليه صاحب الجواهر في هذه المسألة.
قال المحقّق الحلّي: «الثامنة: لو طاف على ثلاث وطلّق الرابعة بعد دخول ليلتها ثمّ تزوّجها، قيل: يجب لها قضاء تلك الليلة؛ وفيه تردّد ينشأ من سقوط حقّها لخروجها عن الزوجيّة.»[5]
قال الشيخ في المبسوط: «إذا كان له أربع زوجات فقسم لهنّ ليلة ليلة وطاف عليهنّ فلمّا كان ليلة الرابعة طلّقها، فقد فعل فعلاً محرّماً وأثم، لأنّ تلك الليلة حقّها، إلا أن تحلّله منه. فإن تزوّج بها ثانياً ـ مثل أن طلّقها طلاقاً رجعيّاً فراجعها، أو بائناً فاستحلّها وعقد عليها عقداً ثانياً ـ فإنّه يلزمه أن يقضي لها تلك الليلة.»[6]
وقال الشهيد الثاني في هذا الشأن: «حقّ القسم على الزوج من الأُمور الواجبة في الجملة، إمّا بعد الشروع فيه أو مطلقاً. فإن كان له زوجتان فصاعداً وقسم لواحدة ثمّ دخلت نوبة الأُخرى، حرم عليه طلاقها قبل أن يوفّيها حقّها من القسم، لاستلزام الطلاق تفويت الواجب فيكون محرّماً، لكنّه محرّم لأمر خارج عن حقيقة الطلاق، فلا يبطل به، كالبيع وقت النداء يوم الجمعة، ولأنّ النهي في غير العبادات لا يقتضي الفساد كما حقّق في الأُصول. واحتمال البطلان في البيع وقت النداء آتٍ هنا.»[7]
ونوكل دراسة هذه المطالب من كلمات الأصحاب إلى الجلسة القادمة إن شاء الله.