بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/03/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: القسم، النشوز، الشقاق / القسم / خروج الزوجة من البيت بدون اذن الزوج - لواحق حق القسم

 

ذكرنا في الجلسة السابقة نتيجة البحث في حقّ الزوج لمنع الزوجة من الخروج من البيت.

آخر ما في هذه المسألة أنّ الفقهاء غالباً ما قيّدوا عدم جواز خروج الزوجة من دون إذن الزوج بدوام النكاح، بينما الأخبار الدالّة عليه مطلقة وتشمل المتمتّع بها أيضاً، وقد يكون سبب التقييد المذكور في كلماتهم أنّ الزوجة لا نفقة لها في المتعة، ولا يصدق عليها ناشز لذلك، ولا يجب عليها إلا التمكين للزوج في الحدّ المبيّن في عقد المتعة، وعليه فلا مانع من خروجها من البيت من دون إذن الزوج ما لم يناف حقّ استمتاع الزوج المذكور حدوده ضمن العقد.

إلا أنّه لا فرق بحسب ما استفدناه من الأخبار بين الزوجة في النكاح الدائم والمتعة في المسألة، ولا وجه لحمل الأخبار على النكاح الدائم، فإذا تعارض خروج الزوجة من دون إذن زوجها في النكاح المؤقّت مع شؤون الزوج ـ كما إذا كانت مدّة المتعة طويلة كعشرين سنة مثلاً بحيث يعتبر الناس المتمتّع بها كالزوجة الدائميّة ـ فلا يحقّ لها ذلك، لأنّ الأمر ليس دائراً مدار صدق النشوز على خروج الزوجة بغير إذن الزوج.

 

قال المحقّق الحلّي: «وأمّا اللواحق فمسائل:

الأُولى: القسم حقّ مشترك بين الزوج والزوجة لاشتراك ثمرته، فلو أسقطت حقّها منه كان للزوج الخيار، ولها أن تهب ليلتها للزوج أو لبعضهنّ مع رضاه، فإن وهبت للزوج وضعها حيث شاء، وإن وهبتها لهنّ وجب قسمتها عليهنّ، وإن وهبتها لبعضهنّ اختصّت بالموهوبة، وكذا لو وهبت ثلاث منهنّ لياليهنّ للرابعة، لزمه المبيت عندها من غير إخلال.»[1]

قد بحثنا سابقاً عن كون حقّ القسم حقّاً مشتركاً بين الزوجين، وقلنا إنّه لا وجه لهذه الدعوى، لأنّ حقّ الزوج في الاستمتاع بالزوجة لا علاقة له بحقّ القسم، بل ولو لم يكن هناك دليل علی حقّ القسم للزوجة، كان هذا الحقّ ثابتاً للزوج. فإذن لا علاقة لوجود حقّ الاستمتاع للزوج بحقّ قسم الزوجة، ولا يمكن اعتبار حقّ القسم حقّاً للطرفين.

وبعبارة أُخرى: فإنّ حقّ القسم عبارة عن أن يجب على الزوج أن يبيت عند الزوجة، من دون أن يرتبط ذلك بالاستمتاع، ولذلك تقدّم أنّه لا تجب المباشرة على الزوج بثبوت حقّ القسم عليه. فإذا تنازلت المرأة عن حقّها، ارتفع عن الزوج وجوب المبيت عندها، وهذا لا يحتاج إلى قبول الزوج كما لا ينافي بقاء حقّ استمتاع الزوج بها، لأنّه وإن لم يجب على الزوج أن يبيت عندها إلا أنّه إذا رغب فيه فلا يجوز للزوجة أن تمتنع منه، بل يجب عليها التمكين، لا بسبب ثبوت حقّ القسم للزوج وإنّما بسبب حقّ استمتاع الزوج بالزوجة.

إذن لا وجه لدعوى ثبوت حقّ القسم للطرفين.

وأمّا بالنسبة إلى أن يجوز للزوجة أن تهب حقّها إلى إحدى الزوجات أو تهبه إلى الزوج نفسه برضاً منه، فهو مشكل ـ كما تقدّم سابقاً ـ من حيث إنّ حقّ القسم ليس من الحقوق التي تؤدّي إلى شغل ذمّة الزوج، فلا يمكن نقله، إذ تقدّم أنّ الحقوق التي تقبل النقل هي التي تجعل ذمّة من عليه الحقّ مشغولة بمن له الحقّ حتّى يتمكّن صاحب الحقّ من نقل ما يملكه إلى الآخر، ولا يمكن نقل الحقوق التي تقع على عهدة من عليه الحقّ حصراً من دون أن تشغل ذمّته.

وسنطرح تكملة البحث في الجلسة القادمة إن شاء الله.


[1] شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام (ط اسماعیلیان)، المحقق الحلي، ج2، ص281.