بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/08/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: القسم، النشوز، الشقاق / القسم / حقّ القسم حقّ مشترك

 

ذكرنا في الجلسة السابقة ثلاثة من الأدلة المذكورة لحقّ القسم، وقلنا بأنّها غير كافية.

4 ـ الأخبار

وردت في خصوص حقّ القسم أخبار:

منها: ما روي صحيحاً عن محمّد بن مسلم، قال: «سألته عن الرجل تكون عنده امرأتان إحداهما أحبّ‌ إليه من الأُخرى؟ قال: له أن يأتيها ثلاث ليال والأُخرى ليلة، فإن شاء أن يتزوّج أربع نسوة كان لكلّ امرأة ليلة، فلذلك كان له أن يفضّل بعضهنّ على بعض ما لم يكنّ أربعاً.»[1] [2]

والرواية وإن كانت مضمرة ولكن لا إشكال في اعتبار مضمرات محمّد بن مسلم.

ومنها: ما روي في النوادر صحيحاً عن الحلبي عن أبي عبدالله(ع): «...له أن يتزوّج أربع نسوة ولكلّ امرأة ليلة...»[3] [4]

ومنها: خبر زرارة، قال: «سئل أبو جعفر(ع) عن المهاريّة... قال: ...من تزوّج امرأة فلها ما للمرأة من النفقة والقسمة...»[5] [6]

ومنها: خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر(ع)، قال: «سألته عن رجل له امرأتان قالت إحداهما: ليلتي ويومي لك يوماً أو شهراً أو ما كان، أيجوز ذلك؟ قال: إذا طابت نفسها واشترى ذلك منها فلا بأس.»[7] [8]

ومنها: خبر أبي هريرة وابن عبّاس، قالا: «خطبنا رسول الله(ص) قبل وفاته... فقال: ...ومن كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما القسمة من نفسه وماله، جاء يوم القيامة مغلولاً مائلاً شفته حتّى يدخل النار...»[9] [10]

فالمستفاد من مجموع هذه الأخبار وغيرها ممّا سيأتي لاحقاً أنّ الزوجة لها حقّ القسم بمجرّد النكاح، وهذه الأخبار وإن كانت غالبها مشكلة من حيث السند، ولكن عدم الخلاف[11] [12] [13] بل وإجماع الأصحاب[14] على ثبوت هذا الحقّ يجبر الإشكال السنديّ.

إذن يستفاد منها أوّلاً: أنّ للزوجة حقّاً إجمالاً بعنوان القسم، وثانياً: أنّ كلّ زوجة لها حقّ في ليلة من كلّ أربع ليال.

وفي سبيل دراسة المسألة تفصيلاً، نطرحها ضمن عدّة مطالب.

المطلب الأول: حقّ القسم حقّ مشترك

قال العلامة في القواعد: «هو حقّ‌ مشترك بين الزوجين لاشتراك ثمرته، فلكلّ‌ منهما الخيار في قبول إسقاط صاحبه.»[15]

وقال الشهيد الأول في شرح الإرشاد: «المشهور أنّها حقّ‌ للزوجين.»[16]

وقال كاشف اللثام في توضيح دعوى العلامة في القواعد: «هو حقّ‌ مشترك بين الزوجين، لاشتراك ثمرته وهي الاستيناس، ولأنّ‌ الأخبار توجب استحقاقها وحقّ‌ الاستمتاع يوجب استحقاقه. فلكلّ‌ منهما الخيار في قبول إسقاط صاحبه له وعدمه ولا يتعيّن عليه القبول[17]

لكنّ الحقّ أنّه لا وجه لهذه الدعوى، لأنّ حقّ الزوج في الاستمتاع بالزوجة لا علاقة له بحقّ القسم، بل حتّى لو لم تكن أدلّة القسم فهذا الحقّ ثابت للزوج. إذن لا علاقة لثبوت حقّ الاستمتاع للزوج بحقّ قسم الزوجة، ولا يمكن اعتبار هذا الحقّ مشتركاً.

وبتعبير آخر فحقّ القسم هو عبارة عن لزوم مبيت الزوج لدى زوجته من دون أن يكون لذلك علاقة بالاستمتاع، ولذلك سيأتي لاحقاً أنّه لا يجب على الزوج بواسطة حقّ القسم أن يواقع الزوجة. فإذا تنازلت الزوجة عن حقّها، ارتفع عن الزوج وجوب المبيت لدى الزوجة، ولکن على الرغم منه فإذا رغب الزوج في ذلك فلا يجوز للزوجة أن تمتنع منه وعليها أن تمكّنه من نفسها، لا لثبوت حقّ القسم للزوج وإنّما لثبوت حقّ الاستمتاع بالزوجة له.

إذن لا وجه لدعوى اشتراك الزوجين في حقّ القسم.


[1] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج3، ص428.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج21، ص338، أبواب القسم و النشوز و الشقاق، باب1، ح3، ط آل البيت.
[3] النوادر، الأشعري، أحمد بن عيسى، ج1، ص120.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج21، ص348، أبواب القسم و النشوز و الشقاق، باب9، ح3، ط آل البيت.
[5] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص403.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج21، ص343، أبواب القسم و النشوز و الشقاق، باب6، ح1، ط آل البيت.
[7] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج7، ص474.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج21، ص344، أبواب القسم و النشوز و الشقاق، باب6، ح2، ط آل البيت.
[9] ثواب الأعمال و عقاب الأعمال، الشيخ الصدوق، ج1، ص283.
[10] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج21، ص342، أبواب القسم و النشوز و الشقاق، باب4، ح1، ط آل البيت.
[11] كشف اللثام و الإبهام عن قواعد الأحكام، الفاضل الهندي، ج7، ص486.
[12] الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، البحراني، الشيخ يوسف، ج24، ص588.
[13] رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج12، ص76.
[14] نهاية المرام في تتميم مجمع الفائدة والبرهان، الموسوي العاملي، السيد محمد بن علي، ج1، ص416.
[15] قواعد الأحكام، العلامة الحلي، ج3، ص90.
[16] غاية المراد في شرح نكت الإرشاد‌، الشهيد الأول، ج3، ص201.
[17] كشف اللثام و الإبهام عن قواعد الأحكام، الفاضل الهندي، ج7، ص487.