بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/11/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور/أحکام المهر/ كون المهر عيناً عرضت له منافع منفصلة

 

الفرع التاسع: أن يكون المهر عيناً فعرضت له منافع منفصلة

اذا جعلت العين مهراً فعرضت لها إلى حين الطلاق منافع منفصلة، فالزوجة تملك جميع المنافع المنفصلة بناءً على ما تقدّم من أنّ ملكيّة الزوجة ثابتة على كامل المهر منذ العقد إلى حين الطلاق، وتعود ملكيّة الزوج لنصف المهر بالطلاق قبل الدخول، فلا يكون للزوج حقّ في تلك المناف

هذا مضافاً إلی مدلول موثّقة عبيد بن زرارة: «قلت‌ لأبي عبدالله(ع):‌ رجل‌ تزوّج‌ امرأة‌ على مائة‌ شاة‌ ثمّ‌ ساق‌ إليها الغنم‌ ثمّ‌ طلّقها قبل‌ أن‌ يدخل‌ بها وقد ولدت‌ الغنم؟ قال:‌ إن‌ كانت‌ الغنم‌ حملت‌ عنده‌، رجع‌ بنصفها ونصف‌ أولادها، وإن‌ لم‌ يكن‌ الحمل‌ عنده‌، رجع‌ بنصفها ولم‌ يرجع‌ من‌ الأولاد بشي‌ء.»[1] [2]

نعم، في قبالها هناك صحيحة أبي بصير عن الإمام الصادق(ع) التي ورد فيها: «سألته‌ عن‌ رجل‌ تزوّج‌ امرأة‌ على بستان‌ له‌ معروف‌ وله‌ غلّة‌ كثيرة‌ ثمّ‌ مكث‌ سنين‌ لم‌ يدخل‌ بها ثمّ‌ طلّقها؟ قال:‌ ينظر إلى ما صار إليه‌ من‌ غلّة‌ البستان‌ من‌ يوم‌ تزوّجها فيعطيها نصفه‌ ويعطيها نصف‌ البستان‌، إلا أن‌ تعفو فتقبل‌ منه‌ ويصطلحان‌ على شي‌ء‌ ترضى به‌ منه‌، فإنّه‌ أقرب‌ للتقوى‌.»[3] [4]

ولكن تقدّم سابقاً إمكان حمل الصحيحة على عدّة محامل، مثل أنّ استحقاق الزوج لنصف غلّة البستان إنّما هو لبقاء البستان في يده بإذن الزوجة والزوج عامل فيه فقط، فنصف غلّة البستان تكون أُجرة عمله فيه. كما يحتمل أنّ البستان وحده جُعل مهراً وأشجاره ليست جزءاً من المهر، أو أنّ الغلّة إنّما استحصلت بزرع الزوج، فيكون التنصيف فيهما من باب أنّ نصفه أُجرة للأرض التي كانت مهراً للزوجة.

وأمّا إذا كانت العين ذات منفعة منفصلة حين جعلِها مهراً ـ مثل أن تكون الغنم حاملاً أو ذات صوف ـ بحيث تعتبر تلك المنافع جزءاً من المهر، فمقتضى القاعدة ومدلول موثّقة عبيد بن زرارة في هذه الصورة هو إرجاع نصف العين مع نصف منافعها للزوج. فإذا تلفت المنافع حين الطلاق أو عرضها نقصان أو زيادة متّصلة، فيجري في المنافع ما تقدّم في حصول الزيادة والنقصان في العين.

ثمّ هل تتوقّف جزئيّة النماء للمهر على التصريح بالجزئيّة أم أنّه من مقتضيات الإطلاق؟

نسب فخر المحقّقين الأوّل إلى العلامة والثاني إلى الشيخ والحقّ ما ذهب إليه العلامة[5] ؛ إذ لو كانت ماليّة النماء كثيرة بالقياس إلی أصل العين، فالعرف لا يحكم بدخول النماء في ملك الزوجة من دون تصريح الطرفين، وإذا أمكن الإغماض عرفاً عن ماليّة النماء بالنسبة إلی أصل العين، فالعرف وإن حكم بدخوله في ملك الزوجة تبعاً للعين ولكنّه لا يعتبره جزءاً من المهر.

ثمّ إذا لم تعدّ المنافع المتّصلة جزءاً من المهر بل اشترط إعطاء الزيادة للزوجة في ضمن العقد أو تعيين المهر، فلا يكون للزوج حقّ في نصفها، لأنّها ليست من «ما فرضتم».

غير أنّ صاحب الجواهر ذهب إلى تنصيف المنافع في هذا الفرض أيضاً وقال في توجيهه: «لأنّ دخوله إن کان بالشرط، فالشروط توزّع عليها القيمة وتلحظ بالماليّة»[6] ، بينما أوّلاً: لا يمكن القبول بأنّ قسطاً من الثمن قد وقع مقابل الشرط، وثانياً: لو سلّم القبول بذلك، فمحلّه فيما كانت عوضيّة بين المهر والبضع، ولكن تقدّم أنّنا لا نقول بالعوضيّة.

أمّا فخر المحقّقين فقد قال في استحقاق الزوج لنصف النماء في حال اعتبرنا النماء داخلاً في المهر: «إذا أصدقها أمة حاملاً ودخل الحمل... ثمّ طلّقها قبل الدخول، فإن كان قد طلّقها وهي حامل بعدُ، فله نصفها حاملاً قطعاً.

وإن طلّقها وقد ولدت... وإمّا الولد فقد ذكر فيه احتمالين:

أحدهما: رجوعه بنصف العين، لأنّه أمهرها رقبتين، لأنّه يضمن الحمل ويفرد بالملك، كما لو أذن مولى الأمة في النكاح دون مولى العبد، فإنّه يكون الولد لمولى الأب، فله نصف الأُمّ ونصف الولد، لأنّهما معاً المفروض...

وثانيهما: أنّه زيادة ظهرت بالانفصال على ملكها، لأنّه قبله لم يفرد بالتقويم... فالزيادة... ظهرت في ملكها، فيكون للزوج أرش ما بين كونها حاملاً ومجهضاً، لأنّه قيمة الحمل، إذ لا يقوم بانفراده؛ وهذا هو الأصحّ عندي.»[7]

ولکن دعوى عدم تقييم الزيادة مستقلّة قبل الانفصال، فهو خروج عن الفرض، إذ الفرض لحاظ الزيادة جزءاً من المهر، فماليّته ملحوظة؛ على أنّ هذا خلاف موثّقة عبيد بن زرارة.


[1] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج6، ص106.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج21، ص293، أبواب المهور، باب34، ح1، ط آل البيت.
[3] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج3، ص431.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج21، ص290، أبواب المهور، باب30، ح1، ط آل البيت.
[5] إيضاح الفوائد في شرح مشكلات القواعد‌، الحلي، فخر المحققين، ج3، ص227.
[6] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج31، ص88.
[7] إيضاح الفوائد في شرح مشكلات القواعد‌، الحلي، فخر المحققين، ج3، ص228.