الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

36/06/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الأصول \الترتب

المرجح الرابع الترجيح بالأسبق زمانا :
ذكر الأصوليون بأن الواجب الأسبق يتقدم على الواجب اللاحق لأن السابق غدا فعليا ولا مزاحم له والمكلف قادر عليه وأما الواجب الثاني فلا قدرة عليه ليصبح فعليا في عرص الأول فيرتفع بإرتفاع قدرته . وفيه أنه لا يصح مطلقا لأن الواجب الثاني إذا كانت القدرة فيه عقلية بمعى عدم دخالة القدرة فيه وأن الملاك الإلزامي باق وإن لم تقدر عليه وساعتئذ يبقى التزاحم بين ملاكين إلزاميين فعليين ولا مرجح لأحدها والقدرة حاصلة على أحدهما والنتيجة هي التخيير عقلا نعم إذا كانت القدرة المأخوذة في الواجب الثاني شرعية فمع الإشتغال بالأول لا خطاب ولا قدرة ولا ملاك سيما ما فسرناه من معنً للقدرة السرعية أي ما لم يبتلى بمزاحم وقد إبتليَ . ويلاحظ على ما ذكر أن كان المشروط بالقدرة الشرعية يراد للإتيان به في ظرق الإشتغال بالأول فهو ممتنع ولكن ليس بملاك التزاحم بل بإنتفاء موضوع الواجب الثاني وهو عدم الإشتغال بمزاحم فليس في البين واجبان متزاحمان عند إرادة الإمتثال وإن كان الواجب الثاني قدرته مطلقة وقد عرفنا فقهيا وأصوليا بوجوب حفظ القدرة وكان الواجب الأول خارج دائرة الإمتثال ويجب حفظ القدرة عليه أيضا فهنا للمكلف قدرة عليهما معا ويجب حفظها والإشتغال بالأسبق يرفع القدرة عن الثاني وترجيح أحدهما بلا مرجح والنتيجة هنا التخيير .
الموقف العملي عند فقدان المرجح : عرفنا سابقا المرجحات الأربعة ولو إنعدمت فلا يعني سقوط التكليف بالمتزاحمين إذ ليس الباب هنا باب التعارض بل نحن أمام خطابين فعليين نعجز عن الإتيان بهما معا والنتيجة عقلا هي التخيير لوجود القدرة على أحدهما ولكن هل هذا التخيير هو تخيير شرعي بمعنى أنه يوجد خطاب بالجامع وهو معنى الشرعي أو انه تخيير عقلي بمعنى إيجاد أحدهما بشرط عدم إمتثال الآخر وذلك بإدراك العقل للتقييد في كل منهما .
 ذهب الميرزا النائني الى أن المشروطين بالقدرة العقلية بعد سقوط المرجحات فالتخيير فيهما شرعي وأن المشروطين بالقدرة الشرعية يكون التخيير بينهما عقليا , وتقريبه أن المشروط بالقدرة العقلية وإن لم يخاطب به المكلف حال الإشتغال بالآخر لقبح التكليف به أو لا أقل من عدم العقوبة ولكن لا معنى لسقوط الخطاب بل غايته التقييد فيصبح الخطاب الشرعي مقيدا بعدم الإشتغال بالآخر واما المشروط بالقدرة الشرعية فملاكه الإلزامي في كل منهما لا يمكن بقاؤه عند التزاحم فيثبت احدهما لا بعينه وأنه ذو ملاك إلزامي ولا يرفع المولى اليد عنهما مع الإلزام وقولنا أحدهما لا بعينه هو تخيير عقلي .