الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

36/04/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الأصول \الواجب الغيري والثواب والعقاب
المسلك الثاني: مما سلكه الأصولي لإثبات حرمة الضد الخاص فإذا وجبت الصلاة مثلا حرم عليك الإزالة مضافا لوجوب تركها بدعوى ان ترك أحد الضدين مقدمة للآخر لأن الإزالة مانع وقد قرر في الفلسفة أن عدم المانع من أجزاء العلة أي مقدمة للمعلول وإذا كان رفع الإزالة من المقدمات وقد ذكر الأصولي أن مقدمة الواجب واجبة والنتيجة يجب ترك الإزالة وإذا وجب ترك الأزالة حرم النقيض أي الضد العام فالإزالة حرام . وفيه أنا أشرنا سابقا بعدم وجوب المقدمة شرعا ولا ملازمة  وسيأتي أيضا اننا لا نقول بحرمة الضد العام لكن لو سلمنا بما قيل فهل نسلم بأن ترك الإزالة مقدمة لفعل الصلاة , ذكر الأصولي أدلة لإثبات هذه المقدمية منها إثنان
 الأول: إن الضدين متعاندان بالبديهة والتعاند يستلزم توقف أحدهما على عدم الآخر إذ لو لم يعدم لوجدا معا وقد فرضنا أنهما متعاندان وفيه أن مجرد التعاند إذا إستدعى أن يكون مقدمة للآخر فسيؤدي الى لوازم باطلة في الوضوح فإن النقيضين متعاندان لأنهما لا يجتمعان فوجود الإنسان وعدمه متعاندان فهل يصبح عدم الإنسان وهو لا شيء مقدمة لوجود شيء ؟ مع أن معنى وجود الإنسان هو عدم عدمه .
الثاني: أن يقال بأن عدم الضد إذا لم يكن مقدمة للآخر ولا يتوقف عليه فهذا يعني إمكان وجود للضد الآخر مع العلة التامة للضد الأول فهنا إذا وجدا معا فهو محال وإن لم يوجد الآخر لزم تخلف المعلول عن علته وهو مستحيل . وما ذكر وإن صح في عدم وجودهما معا ولكن لا يعني ان احد الضدين مقدمة للآخر كما في الوجود والعدم فإنهما لا يوجدان معا وليس أحدهما مقدمة للآخر فغاية ما يقتضيه هذا الدليل هو التلازم بين وجود الأسود وبين عدم الأحمر مثلا والتلازم شيء والتوقف شيء آخر هذا كله من الرد على برهان الأصولي على تحريم الضد بلالتلازم او بالمقدمية .
هذا وقد أقيم البرهان على بطلان المقدمية ويمكن أن نذكر ما يلي:
الأول: برهان المقتضي وخلاصته ان نفترض وجود المقتضي لفعل الضدين معا " وجوبهما مع الارادة دون العلة التامة وهو معقول في نفسه لأنه مقتضي وساعتئذ نقول إما أن يوجدا معا وإما أن يوجد أحدهما او لا يوجد أحد منهما فإن قلنا بوجودهما معا وقع المحال وإن قلنا بوجود أحدهما فهو ترجيح بلا مرجح والنتيجة عدم وجود أي منهما فترك أحدهما لم يكن مقدمة للآخر ومنه يعرف أن الممانعة ليست إلا لوجود المزاحم وهو المقتضي الذي إذا ساوى مع الاخر فالتمانع من الطرفين وإن كان أقوى في أحدهما منع الأضعف فالمانع هو المقتضي المساوي أو الغالب ومنه يتحصل أن المانع هو المقتضي وهو وجود لا العدم ليقال بأن عدم الضد مقدمة للضد الآخر . وأيضا ما قيل في الفلسفة بأن عدم المانع من أجزاء العلة يقصد به قابلية الورقة للإحتراق وهو أمر وجودي وإن عبر عنه بعدم المانع فالمانع دائما وجودي فكيف يقال بأن عدم الضدين مقدمة  للآخر وهو عدم .