الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

34/11/19

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: الأصول \ الوضع\
          الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على خاتم النبيين حبيب قلوب المتقين الصادق الطاهر البر الأمين أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.     
حقيقة الوضع: ذكر العراقي رحمه الله بأن الوضع هو ربط واضافة ولكن ليس على نحو الاضافة الخارجية كإضافة قطع الخشب لبعضها ليتشكل منها سرير ولا على نحو الاضافة الذهنية كما يحصل في المفاهيم فنقول مثلا الانسان حيوان ناطق بل هو امر بين بين بمعنى أن الخارج يصحح العلاقة بينهما كما في الملكية والزوجية ومن هنا أفاد بأن العلاقة بين اللفظ والمعنى لها واقع حتى قبل وجود اللفظ في الخارج.
 وقد قلنا سابقا ان لوح الواقع اوسع من لوح الوجود فالنار والحرارة بينهما ملازمة لكن قبل وجود النار لا وجود للحرارة الا في الذهن وكذلك اللفظ والمعنى بعد التحقق ليكون الخارج ضرفا لها ويكفي ان يكون الخارج منشأ لانتزاع هذه العلاقة كما يكفي ادنى ملابسة لتحقيق هذا الواقع ولو كانت الجعل وبيد الواضع وهذا رد على مسلك التعهد السائد عند بعضهم حيث زعموا ان العلاقات لا تكون بجعل الجاعل دون ملازمات خارجية حقيقية ذاتية واقعية.
 ولذا ربط العراقي رحمه الله العلاقة بين اللفظ والمعنى بالوضع والواضع والجعل بينما ربط اصحاب مسلك التعهد بين الارادة للمعنى وبين اللفظ لأنها حقيقية وايضا فان العلاقة بين اللفظ والمعنى قالبية فاللفظ قالب للمعنى وفان فيه بل يغدوا اللفظ مغفولا عنه مع الاستعمال لشدة العلاقة بينهما ومن هنا يسري الحسن والتعقيد من المعنى الى اللفظ والعكس ولا ينبغي التأمل في رد دعوى العلاقة الذاتية بمعنى السببية الذاتية بين اللفظ وبين المعنى اذ لو صح ذلك لعلم المرء بكل اللغات .
ولا شك ايضا بأن السببية بينهما نشأت من خلال فعل فاعل وحالة ما وهو ما يعبر عنه في الأصول بالوضع ولكن الخلاف في تفسير حقيقة هذا الوضع وفي المرتبة التي حصل فيها الربط بالنسبة للفظ والمعنى وبالنسبة للواضع وقد وجدت اتجاهات لتفسير ذلك:
الاتجاه الأول:وهو مذهب التعهد الذي اختاره جماعة منهم السيد الخوئي طاب ثراه بدعوى أن السببية نشأت عن تعهد الواضع بدعوى أنه التزم بأن لا يأتي بهذا اللفظ كالماء الا اذا اراد تفهيم هذا المعنى والتعهد ليس ناتج قهريا بل هو بيد الواضع فيكون التعهد على وزان جملة شرطية حاصلها اذا قصدت افهام هذا المعنى اتيت بهذا اللفظ والشرطية ملازمة بينهما ومن الطبيعي اذا سمعنا اللفظ أن ننتقل الى ملازمه وهو الماء ونتيجة هذا المسلك أن يتحول الوضع في مدلوله الى التصديق لأنه ارتبط بالقصد فاللفظ عندهم دال على القصد وهو مدلول تصديقي اول وأما حضور المعنى عند اطلاق اللفظ من الغافل أو النائم فهذا نتيجة للأنس الذهني لا للعلقة الوضعية وقد سجل على هذا المسلك اعتراضات عدة :
·اولا: ان هدف الواضع هو احضار المعاني ولا علاقة للقصد في ذلك وانما يعرف من حالة المتكلم ولذا قد يكون المتكلم في مقام الاجمال او الاهمال وهذا من مقاصد اهل اللغة وهذا اشكال على المنطلق وهو أمر وجداني
·ثانيا: ان ما ذكره أصحاب هذا المسلك يستلزم سريان التعهد لكل الخلق لتحقيق الملازمة مع القصد وهذا ما لا يحسه المرء.