الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

34/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول \ التعارض
 والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
 التخصيص وكيفية الحل عند التعارض معه
  والكلام فيه عين الكلام في التقييد فأما ان يتصدى المتكلم فيقول ان مرادي من اكرم كل فقير هو العادل فتقدمه بالقرينية لا غبار عليه وقد عرفت ان لا حجية لظهور اذا ما خالفته قرينة بل المجموع هو المحكم على قاعدة تقدم ذكرها ما يهدم متصلا يهدم منفصلا كذلك عرفا مع فارق انه في المنفصلة ينعقد الظهور وتلحقه الحجية ثم يطرأ التعديل ، واما لو كان المعارض اثباتيا فمع عدم العلم بوحدة الحكم لا مانع من التعدد واما مع العلم فيشكل الخاص قرينة على المراد من العام واما في السلب فكذلك اذا كان السالب تكليفيا لا ارشاديا.
  ففي قولنا اعتق كل رقبة وفي قولنا لا تعتق الرقبة الكافرة فان كانت الجملة الثانية فهذا من القسم الأول وان كان تكليفيا ضمّ مع العام وفرض متصلا به ولا شك في ان العرف يراه قرينة عليه .وقد عرفت ان حجية ظهور الكلام لا تشمل ظهورا جاءته قرينة بعد ذلك هذا كله لا اشكال فيه وانما وقع الكلام في علة هذا السلوك العرفي فهل ذلك بملاك القرينية او بملاك الاقوائية لان الذهن البشري مفطور على تأثير الوجود أكثر من تأثير العدم ، وان صار للعدم دلالة مع الموجود فان ما يذكر له صورة مباشرة وهي اقوى في الحس من منتجات عدم مع وجود اي عدم القيد مع وجود اللفظ المطلق او العام ذكر الشهيد الصدر رحمه الله ان ملاك تقديم الخاص والمقيّد " بالفتح "هو القرينية ولنا ان نتساءل ان اعتبار العرف للقرينية ليس أمر تعبديا فالعقلاء لا يجرون على سنن جامدة بل لسنن لها مبرراتها النوعية وعلى رأسها الكاشفية ولذا فان القرينة تقدّم على ذي القرينة لأنها اقوى واشد كشفا .
  وايضا لقد وقع الاشكال في التقديم عند التعارض وهل هو بملاك المفاد الاولي للجملتين المتعارضتين مثل :( يجب اكرام الفقراء) مع معارض (لا يجب اكرام الفقراء ) فهنا الدلالة في ذاتها معارضة للآخر تعارضا مستقرا بمعنى لا يتقبل السامع هذا الصدور ولكن قد يطرأ على مستوى النتيجة تخصيص لأحدهما بدليل آخر كما لو ورد : ( لا يجب اكرام الفقراء الفساق )، فانه لو لوحظ مع الجملة الاثباتية فانه يخصصها وتصبح النتيجة يجب اكرام الفقراء العدول هنا ان اخذنا بالمفاد فالدليلان متعارضان لا محالة وان اخذنا بالحجية فان الدليل الأول لم يعد حجة في العام بل هو حجة في العدول فقط لأن الخاص قرينة تقدم على ذي القرينة .
 ذهب الميرزا النائني رحمه الله وتبعه السيد الخوئي طاب ثراه الى تبني المعارضة بين الحجتين لا المفادين والعمل على ضوء أدلة العلاج وسميا ذلك بنظرية انقلاب النسبة من مواجهة عام لعام الى خاص لعام .
 وذهب شيخنا الاخند وشيخنا الانصاري وشيخنا العراقي رحمهم الله وغيرهم الى ايقاع التعارض بين المفادين لا الحجتين وعليه فلا حلّ في المقام عندما يعارض العام العام .
 ومن الأمثلة الحية المشهورة موضوع ارث المرأة حيث يتعارض عام وعام بالإثبات مطلقا وبالعدم مطلقا ولدينا خاص يمنع ميراثها مع عدم الولد. برر الميرزا نظريته بأن الساقط عن الحجية لا معنى ليقع معارضا فالمعارضة بين الأدلة الثابتة وهي ما له الحجية والحجية غدت للخاص اي يجب اكرام العدول لا الفقراء .
 والانصاف ان الظهور وقواعد الجمع العرفي يدوران مدار السلوك العرفي والمرتكزات في اصول المحاورة وهذا التثليث غريب عن السلوك العرفي لا سيما ان الجمع العرفي يدركه المبتدؤون في فهم اللغة وهذا يلاحظ بوضوح في الخارج فلا يقبل العرف حل التعارض بين عامين على اساس مجيء خاص فيما بعد بل تراه يحار في حل المشكلة وبناء عليه نبطل نظرية انقلاب النسبة
 تنبيهات :
  1. ان ما ذكر من قواعد للجمع العرفي بين المدلولين لا يصح اذا علمنا اجمالا بكذب احدهما لأن التعارض هنا يرجع الى السندين وقواعد الجمع العرفي تعالج المدلول
  2. لو كان كل من الدليلين قطعيا اي ذو القرينة والقرينة فهنا لا يسري التعارض الى دليل الحجية لأن دليل حجية الظهور لا يشمل ظهورا أتى المتكلم بقرينة خاصة لصرفه اما لو كان كل منهما ظنيا كباب الامارات فهنا لا يسري التعارض لا الى الحجية لأنه كما عرفت لا تشمل ما لحقها قرينة ولا الى السند لأن التعبد بالإمارة تعبد بالأخذ بالمفاد العرفي للأمارة وبما انه قد حلّ وقدم المقيد على المطلق مثلا فلا معنى للتعارض السندي واما لو كان ذو القرينة قطعيا وكان القرينة ظنية فهنا يعارض الدليل الظني السند والمدلول معا فهل يكتفى بالإطاحة بأحدهما اذ قد استشكل بعض الاصوليين في تخصيص العام الكتابي بخبر الواحد
 والجواب : ان الصحيح هو ان التعبد بالأمارة يعني ان المولى تعبّدنا بقرينة عن الخلاف العامي الكتابي فهو يرفع الحجية عن العام الكتابي لوجود القرينة اذ لا حجية لظهور معه قرينة نعم قد يقال هناك روايات مفادها ما خالف قول ربنا لم نقله وجوابه اجمالا ان هذا مقطوع البطلان لأنا نقطع بأن الأئمة اصدروا مخالفات على مستوى الخاص للعام والمقيد للمطلق مما يصرف هذه النصوص الى المعارضة وجها لوجه .
 والحمد لله رب العالمين .