الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

34/05/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول \ التعارض
 والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
 التعارض
  واشير في البدء الى بعض ما اهملناه من بحوث الاستصحاب كالاستصحاب في الامور التدريجية وكالاستصحاب في مجهول التاريخ سيما في الموضوع المركب الذي اطلق شيخنا الانصاري والسيد الخوئي ذلك في كل الحالات لكفاية الشك النسبي في صدق الشك في البقاء حيث يجري الاستصحاب في مثل ملاقي للنجاسة الساعة الثانية عشر مثلا وفي معلوم الكرية الساعة الواحدة وفي معلوم عدم الكلية الساعة العاشرة ولكن يوجد شك بالنسبة الى زمن الملاقاة وان لم يكن في الساعة الواحدة شك ومنشأ الاعراض ما طرح في الحلقة الثالثة وعدم وجود تفاصيل دقيقة .
  عود على بدء قبل الدخول في مبحث التعارض نشير الى الاسباب المؤدية لذلك مع التنبيه الى ان سببية تعدد الشرائع قد انتهت في زمان النبي واما احاديث الائمة فهي موضحة ومبينة وليست ناسخة لما جاء به النبي قرآنا او سنة اما اهم الاسباب فمنها:
  1. ضياع القرائن بسبب ما اعتمده الرواة والمؤلفون من التقطيع لها اختصارا على محل الشاهد لما عرفت من تأثير السياق وغيره على الظهور النهائي كما في الحديث المشهور المنسوب للنبي الاكرم انه قال لأحدهم عندما اشتكى اباه في صرفه لماله قال انت ومالك لأبيك مع ان الفتوى او الرواية على جواز اخذ القوت وسبب المعارضة البدوية هو اعتراض الابن وعدم تصديقه لأبيه بأنه صرف المال عليه فرده النبي بحكم اخلاقي .
  2. ما فعله الرواة وان كان جائزا شرعا من نقل الاحاديث والوقائع بالمعنى.
  3. ما نلاحظه في طريقة بيان الاحكام الشرعية من عدم الجواب بمساحته الكبرى على السؤال ولذا ورد في مسألة النقاب لأنها تسدل الثوب على وجهها . قلت : هو ذلك الى اين ؟ قال : الى طرف الأنف قدر ما تبصر فلولا سؤال السائل لما جاء البيان التفصيلي ولهذا نظائر .
  4. اجواء التقية الناشئة من حفظ الشيعة فقد يبين شيء للموالي لأجل ان لا يظهروا في خط واحد فيقتلوا فضلا عن خطاب العامة وقد نقل الحر العاملي بأن الأغلب فيما صدر تقية هو في السنن .
  5. اختلاف ظروف واحوال الرواة في دقة الملاحظة والنقل وملاحظة الحال.
  6. الدس والافتراء والتزوير حيث صدر من ائمتنا اللعن لجماعة منهم ابو الخطار والمقلاص حيث كانوا يأخذون كتب الاصحاب ويدسون فيها الغلو والجهر . بمخالب الاعداء.
 التعارض
  عرّف التعارض كما نسبه الشيخ الانصاري للمشهور بأنه تنافي مدلولي الدليلين على وجه التناقض او التضاد وهذا التعريف دفع بالاخند لإخراج التعارض غير المستقر عن التعريف الى تعديله بإضافة في مقام الدلالة والاثبات . وما ذكره شيخنا الاخند وكما ردت عليه مدرسة الميرزا ليس تاما لأننا نرى بأن الظهور بل الحجية لأي نص لا ينخرم مع دليل آخر منفصل ولذا يقع التعارض بين العام والخاص وبين المطلق والمقيد على مستوى الظهور ولذا فان العام يشمل الخاص ظهورا وحجة بدوا فكيف لا يقع التعارض .
 وبعبارة اوضح: ان التعارض يقع في كل مورد لا يقبل ما يسمع من الروايات كقولنا: يجب الخمس في المهر لا يجب الخمس في المهر. فصدور الجعلين لا يعقل اما تعارض المجعول مع عدم التنافر لا مشكلة فيه كالوضوء مع الماء للصلاة والتيمم مع عدم الماء للصلاة وما ذلك الا لعدم المنافرة وهو ما يسمى بالورود .
  وكذلك لو كان التنافي في الامتثال كما في قولنا انقض المؤمن وانقض النبي فغرقا معا وضاق الوسع عن أنقاضهما وهذا ما يعرف بباب التزاحم فان الملاك هناك ثابت فيهما معا بخلاف مسألة المهر وجوبا وعدما ومن هنا تعرف ان التعارض تصادم وتكاذب ولذا لا يجري في الاصول العملية لأنها عمياء لا لازم لها, بخلاف الامارة الكاشفة فان قولنا يجب الخمس له لازم يكشف عن بطلان ما ينفيه بينما استصحاب الطهارة يثبتها فقط ولا ينفي آخر لعدم كشفه .
  وأما ما يقال من تعارض الأصول كاستصحاب الطهارة واصالة عدمها فهو تعارض في النتيجة لا ان الاستصحاب ينفي الآخر نعم ان الدليل الذي دل على الاستصحاب كرواية زرارة تكشف وتنفي ما دلت عليه الرواية الاخرى من البراءة فالتعارض بين الاصول يرجع الى دليل الاصل الكاشف لا الى مفاد ونتيجة الأصل .
  ومن هنا تعرف ايضا ان الدليل القطعي لا يمكن ان يعارض دليلا قطعيا لأنه يؤدي الى تضاد او تنافي وتناقض وكذلك لا يقع بين الدليل القطعي والدليل الظني لأن الظني موقوف على عدم العلم وكذلك لا يقع التعارض في غير الأدلة اللفظية الكاشفة المفسرة كما في تعارض التقريرين كما لو سكت الامام عن مسح الرأس من الاعلى الى الاسفل والعكس في مقام آخر فهذا التعارض مستقر دائما اذ العلاج يكون في مقام يفسر احدهما الآخر ومن هنا قسم العلماء التعارض الى تعارض مستقر لا علاج له والى تعارض غير مستقر يمكن علاجه بقواعد عرفية عامة صالحة لذلك .
 والحمد لله رب العالمين .