الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

34/04/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول \ الاستصحاب \
  والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
 الاستصحاب " تابع "
  اشرنا بأن كلمات القدماء لم تستند الى الأخبار مع صحتها لاسيما روايات زرارة ولعل ذلك في اغلب الظن لأجل الانصراف لديهم الى خصوص باب الطهارة والوضوء. واشرنا الى ان الدليل المطروح هو دليل عقلي ولو لجهة غلبة الظن ببقاء الشيء الثابت سابقا .
 واشرنا الى ان هذه الدعوى ترجع الى السنة لأن الدليل العقلي هنا ليس قطعيا وهذا الظن الممارس عمليا لدى العقلاء يحتاج الى امضاء للكبرى والامضاء رجوع الى السنة وعلى اي حال نحن في غنى عن ذلك لأن الروايات تدل على الكبرى .
 الرواية الثانية: وهي صحيحة زرارة الأخرى نذكر منها ما هو محل الاستدلال وهو فقرتان :
 الأولى: فقلت : فان ظننت انه قد اصابه ولم اتيقن ذلك فنظرت فلم ارى شيئا ثم صليت فرأيت فيه ؟ قالعليه السلام: تغسله ولا تعيد الصلاة . قلت: ولما ذلك ؟ قال عليه السلام : لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت وليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك ابدا .
 الثانية: قلت: ان رأيته في ثوبي وانا في الصلاة ؟ قال عليه السلام : تنقض الصلاة وتعيد اذا شككت في موضع منه ثم رأيته وان لم تشك ثم رأيته رطبا قطعت الصلاة وغسلته ثم بنيت على الصلاة لأنك لا تدري لعله شيء اوقع عليك فليس ينبغي ان تنقض اليقين بالشك.
 اما الفقرة الأولى فقد احتمل المحقق العراقي انه قد قطع بعدم النجاسة ثم بعد الصلاة راى نجاسة ولم يعلم اهي عين ما شك فيه او غيره لأنه لم يقل فرأيتها ولكن الشهيد الصدر رضوان الله تعالى عليه احتمل نظر الرواية لقاعدة اليقين لا للاستصحاب لأن قوله "فنظرت فلم ارى شيئا " تدل على القطع بالطهارة ولكن قوله " فرأيت فيه " ناظر لنفس اليقين .
 والتحقيق: ان قوله فنظرت فلم ارى شيئا لا يعني انه قطع بل يحتمل جدا انه بقي شاكا وعندما صلى ورأى النجاسة شك انها ما نظر فيه سابقا او لا فهنا لا يقين لتجري قاعدة اليقين وساعتئذ يكون الحكم انه دخل الى الصلاة على طهارة ولو ظاهرية ثم صلى بهذه الطهارة ولا يعلم بسبقها فنستصحب الطهارة ويؤيد ذلك هذا اللسان الموجود في الروايات الأخرى .
 اما استغراب زرارة فلا يعني انها مجرى لقاعدة اليقين لوجود احتمال ان يكون زرارة احتمل انه اليقين بعد سبق الشك يمنع من جريان الاستصحاب وهو احتمال وارد جدا .
 اما الفقرة الثانية فاحتمل السيد الخوئي رضوان الله تعالى عليه ان عبارة اذا شككت في موضع ثم رأيته هو صورة العلم الاجمالي مع الشك في موضعها لتنسجم مع الفتوى العملية وان قوله بعدها وان لم تشك يراد منها الشك البدوي وما ذكره بعيد جدا وان ناسب الفتوى لسبق العلم بالنجاسة المؤدي للبطلان ولكنه ليس بظاهر والاقرب ان الشك الأول هو شك بدوي ثم اكتشف ان ما شك فيه كان صحيحا واما الفتوى بالبطلان فهي معارضة بغيرها واما القسم الثاني فهو واضح في جريان الاستصحاب لأن الرطوبة رءاها بعد الدخول وقد كان على يقين سابق فالاستصحاب جار الى حين الرؤية وقوله لا ينبغي وقوله ابدا ظاهر في ارادة كبرى الاستصحاب لا في خصوص الطهارة .
 ان قلت: ودعوى ان النجاسة المنكشفة هي معلومة السبب فكيف يستند الى الاستصحاب وهو حكم ظاهري ومن احكامه بطلان مؤداه عند الانكشاف ؟
  حاول علماؤنا الاجابة عن هذا الاشكال فقد ذكر الشيخ الانصاري قدس سره ان الرواية تدل على مستتر وهو اجزاء الحكم الظاهري عن الحكم الواقعي واجاب الشيخ الاخند ان الدليل هذا يكشف عن ان شرط الطهارة في الصلاة هو الاعم من الظاهري والواقعي وهنا قد صلى بطهارة ظاهرية .
 والصحيح عدم الحاجة لهذه الاجوبة اذ لا دليل في الفقرتين على السبق ويكفي "ثم صليت فرأيت فيه" الشاملة لما بعد الصلاة ولو سلمنا فان الاكتفاء بالطهارة الظاهرية متفق عليه ولا يعلم له مخالف وقاعدة الفراغ تؤيد ذلك الرواية الثالثة صحيحة عبد الله ابن سنان غدا ان شاء الله.
 والحمد لله رب العالمين .