الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

34/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول \ البراءة الشرعية\ الاستدلال بالسنة والاستصحاب
 امكانية اثبات البراءة الشرعية من خلال الاستصحاب
  الاسلوب الثالث لإنتاج البراءة من خلال الاستصحاب ان نقول باستصحاب عدم وجود الموضوع او القيود , وذلك ببيان ان كل حكم له موضوع وقد يكون له قيود وهذا لم يكن موجودا فنستصحبه.
  ومن الأمثلة ما لو شككنا في البذل بالنسبة الى وجوب الحج وانه يحقق الموضوع اي الاستطاعة فيجري الاستصحاب لنفي الموضوع وبالتالي لنفي الحكم وما ذكر من وجوه لإثبات الاستصحاب يمكن ان يسجل عليه ما يلي :
  منها ان يقال بأن الاستصحاب لما كان مقدما بالحكومة على ادلة البراءة فإثباتها بالاستصحاب يعني الغائها تماما ولا اثنينية في البين واذا وجد فارق كما سنبين بين الدليلين فلن نستطيع جر الأثر الى الدائرة الواسعة في البراءة . وقد حاول السيد الخوئي الجواب على هذا الاشكال بدعوى ان البراءة المجعولة قد تكون بملاك الاستصحاب واذا ثبت ذلك فلا يوجد اثنينية ونتمسك بالحجية والتوسعة لنظرهما معا الى مفاد واحد وبعبارة اوضح يكون المنطلق للبراءة نكتة الاستصحاب لكن ما جعل بنكتة عدم العلم وان لم يوجد يقين سابق وما ذكره السيد الخوئي وان امكن فنيا لكنه خارج الدليل اذ المتأمل في أدلة البراءة يقطع بأن الموضوع لها هو مجرد عدم العلم دون لحاظ اليقين السابق .
 تنبيه 2 : ومنها ان يدعى بوجود ثمرة في اثباته بالاستصحاب او بالبراءة كمثال الشك في الارتباطيين فانه على الأصح تجري البراءة بين الأقل والأكثر الارتباطيين وأما الاستصحاب فقد يقال بعدم جريانه ههنا لأجل التعارض ...... عدم التقييد بالزائد معارض ايضا بعدم وجوب الأقل مطلقا لأننا نعلم بأن الصلاة مثلا هي عنوان لتسعة أو لعشرة وأن المولى جعلها كذا او كذا فيتعارضان ويتساقطان . وما ذكر ليس دقيقا لأن استصحاب عدم الاطلاق ما الذي يراد منه ؟ ان أريد اثبات التقييد به فهو أصل مثبت , هذا على فرض أن يكون الاطلاق وجوديا " لحاظ عدم القيد " وان كان الاطلاق أمرا عدميا فلا معنى لهذا الاستصحاب لأن استصحاب عدم الاطلاق لا يثبت شيئا لأن التنجيز مترتب على التقييد لا على عدم الاطلاق فان المحركية على الوجود لا على العدم .
 ومنها: ما ذكر من استدلال على البراءة الشرعية بما رواه الكليني في كتاب الكافي عن عبد الأعلى ابن أعين قال : سئل أبو عبد الله من لم يعرف شيء هل عليه شيئ ؟ قال : لا . ووجه الاستدلال هي تحقيق معنى المعرفة بدعوى أن المراد منها الطريقية باتجاه العمل فتكون بمعنى من لم يصله شيئ لا نؤاخذه ولا نكلفه في الدنيا وهو معنى البراءة , وما ذكر يعارضه احتمالان :
  1. ان يدعى بأن المعرفة هنا على وزان أخواتها أي التشيع ويكون المعنى أن القاصر وما ألحق به لا شيئ عليه بأن من لم يصله شيئ عن الايمان لا يؤاخذ لقصوره
  2. أن نحمل اللفظة على معناها فتكون ناظرة للأمور العلمية العقائدية التي ينبغي الاعتقاد بها أو يجب في التوحيد أو في الرسالة أو في صفاة الله والعرش وليست ناظرة لصورة الشك في الحكم الشرعي أو في الموضوع ونحو ذلك .
  والجواب ما تقدم مرارا مع أوجهية الاحتمال الأول انها روايات لبيان شأن المولى وهذا لا يفرق فيه بين جهل وجهل فيعذر في العقيدة ولا يعذر في غيرها لعودة الشأن الى مبادئ الحسن والقبح وهذه لا تخصيص ,ومن كل ما ذكرنا يتبين أن الدليل على البراءة الشرعية متين جدا و أن دليل البراءة الشرعية مؤكّد للبراءة العقلية وليس حاكما عليها كما ذهب الشهيد الصدر رحمه الله , وقد توحي كلمات بعض قدمائنا كالطوسي والمفيد بأنهم قائلون بأصالة الاحتياط عند الشك وقد عرفت أيضا شمول البراءة لإطلاقها للشبهة الحكمية وللشبهة الموضوعية وأن دليل البراءة مجعول بنكتة عدم العلم والاستصحاب لا يلغي سعتها وأن البراءة جارية بناء على الاطلاق في الشبهة المفهومية وجارية عند دوران الأمر بين الارتباطيين وبين الاستقلاليين .
 والحمدلله رب العالمين